بارت من

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -146

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي - غرام

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -146

حمد الذي كان بجانبِ رائد أردف بنبرةٍ ساخرة: على فكرة دينك يقولك يجوز أبو الزوج يشوفها
رائد إبتسم في عزِ غضبه ليصفعه فارس بحقد وهو الذي يحتبس غضبه منذُ ساعاتٍ طويلة، كان لا بد أن يفرغه بوجهِ أيّ أحدٍ يقابله.
رائد : حمد أطلع . .
حمد بنبرة التهديد وهو خارج بعد أن أحمَّر خدِه الأيسر : طيب يا فارس
رائد : طيب .. الحين مع كامل الأسف راح تتصل على عبدالعزيز! بعطيك رقم زوجته المحترمة! وبتقول لعبدالعزيز بالحرف الواحِد : إما يجي بكرامته ولا عبير بتروح في خبر كان .. مفهوم ولا أعيد كلامي مرة ثانية ؟
فارس بوجَع يظهر في عينيْه التي تتوسلُ بكل شيءٍ : يبه .. تكفى بس هالمرَّة! الله يخليك سو فيني اللي تبيه بس أتركها
رائد بحدة : عرفت وش تقول!
فارس بضيق : يبه ما ينفع كذا!
رائد بصراخ : أجل وش اللي ينفع يا حضرة الإستاذ!! أنك تقابل ولد الكلب الثاني
فارس تعتلي نبرته : طيب أحبها! تبي تذبح ولدك معاها! أقولك أحبها ماأرضى عليها ليه ماتفهم! لمرة وحدة تنازل بشي عشان ولدِك اللي من لحمك ودمك
رائد : حبتك القرادة قل آمين .. الحين بتتصل ولا قسم بالله يا فارس تحلم تشوفها
فارس بخضوع يمدُ يدِه ليأخذ الهاتف الذي يرنُ على رقمِ رتيل.
في جهةٍ أخرى أستيقظت وهذا الحمل يجعلها تنام لساعاتٍ طويلة دُون أن تشعر، ألتفتت لتبحث بعينيْها عن أحدٍ، أتجهت نحو الحمام لتغتسل ودقائِق طويلة حتى خرجت وهي تسمع نغمة هاتف رتيل.
تقدمت إليه وهي قلقة من عدم وجود عبير ورتيل، نظرت للسماء التي تُشير إلى مغيب الشمس المتأخر في باريس، ردَّت على هاتفها ليصِل صوتُه الرجولي : ألو
ضي بربكة : هلا .. مين معاي؟
فارس : عطي الجوال عبدالعزيز
ضي : أنت مين ؟
فارس بهدوء : عطي الجوال عبدالعزيز
ضي : طيب أنت مين
فارس يُكرر عليها : عطي الجوال عبدالعزيز بسرعة
ضي : عبدالعزيز مو هنا! مين أنت ؟
فارس ينظر لوالده الذي يشير إليه بأن يقول لها : توصلين له هالكلام! لو يبي عبير حيَّة يجي بنفسه خلال 24 ساعة ولا يترحم عليها . . أغلقه.
على بُعدِ خطوات ناما بتعبٍ وإرهاق، نامت على السرير في حين هو نعس على الأريكة، فتح عينيْه وهو ينظرُ للساعة ليشتم نفسه من غرقه بالنوم في وقتٍ مثل هذا.
وقف لينتبه للورقة النائمة أسفل الباب، تقدَّم إليها وهو يفتح الظرف بهدُوء، ورقة بيضاء توسطها بالخط العريض " Ask Nasser Where is your sister? " – أسأل ناصر، أين أختك ؟ -
.
.
أنتهى نلتقي على خير.
إن شاء الله يروق لكم البارت ويكون عند حسن الظن دايم :$()
لاتحرمونِي من صدق دعواتكمْ و جنَّة حضوركمْ.
و لا ننسى أخواننا المسلمين المُستضعفين في كُل مكان أن يرحمهم ربُّ العباد و يرفعُ عنهم ظُلمهم و أن يُبشِرنـا بنصرهُم ، اللهم لا تسلِّط علينا عدوِك وعدونـا و أحفظ بلادِنا وبلاد المُسلمين.
أستغفر الله العظيم وأتُوب إليْه
لا تشغلكم عن الصلاة
*بحفظ الرحمن.
+ تنبيه كإبراء ذمة بخصوص أشعار نزار قباني ، جتني هالفتوى من الجميلات :http://www.islamweb.net/fatwa/index....twaId&Id=38467
الله يغفر لنا ما جهلنا ويتُوب علينا، ()
رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية، بقلم : طِيشْ !
الجزء ( 64 )
المدخل لـ فاروق جويدة .
إذا كنتُ قد عشتُ حلمي ضياعاً
وبعثرتُ كالضوءِ عمري القليل
فإني خُلقتُ بحلم كبير
وهل بالدموع سنروي الغليل ؟
وماذا تبقّى على مقلتينا ؟
شحوبُ الليالي وضوء هزيل
تعالي لنوقد في الليل ناراً
ونصرخ في الصمتِ في المستحيل
تعالي لننسج حلماً جديداً
نسميه للناس حلم الرحيل
يقرأ بعينيْن خاملتيْن، لا تفهمان بأيّ حرفٍ يقفَان ويُركزان " Ask Nasser Where is your sister? " ماذا يعني؟ ماذا يعرف ناصر من الأساس حتى أسأله! من أين تأتِ هذه الورقة؟ من أيّ عقلٍ يأتِ كل هذا الجنون، توقف عقله عن التفكير بعائلته، وأحاطت خلاياه بأمرِ " ناصر " لِمَ يجيءُ إسمه في هذا الوقت؟ في هذه اللحظة وهو في الرياض لا يعلم شيئًا عني، كيف أتصل عليه الآن وهاتفِي غارق بمياهِ السين؟ أيّ أخت؟ غادة! ، بحق الله أسأله عن ماذا ؟ عن هذا الجنون!
أهتز هاتف ضي في جيبِ رتيل النائمة بخفَّة جعلتها تستيقظُ مع أولِ إهتزازٍ، عقدت حاجبيْها من إسمها الذي توسط الشاشة لتُجيب : ألو
ضي بصوتٍ مرتبِك يختلطُ بنبرةِ البكاء الضيِّقة : وينكم ؟
رتيل : بغرفة عبدالعزيز
ضي : عبدالعزيز عندِك؟
رتيل وقلبها ينقبض تدريجيًا، هذه النبرة الحزينة تُسقط أعوادًا على قلبٍ هشّ : إيه
ضي أخذت نفس عميق : عبير مو هنا ..
برجفةٍ اكملت وصوتها يأتِ متقطعًا في لحظةٍ كان يقترب عبدالعزيز من رتيل : أتصلوا ناس ماأعرفهم وماأدري كيف دخلوا وخذوا عبير لأن ما حسيت في شي .. إما يجي عبدالعزيز ولا ماراح نشوف عبير
رتيل تجمدَّت أصابعها التي تُحيط بالهاتف وعينيْها تخترقها الحُمرَّة ، في هذا الوقت السيء يشاركني قلبي الحزن في هبوطِه وعلوِّه، عبدالعزيز : مين ؟
رتيل بنبرةٍ تهطلُ عليها الرجفات من كل جهة : ضي
عبدالعزيز لم يكُن ينتظر أن يسمع شيئًا، أنحنى ليرتدِي حذاءه ويأخذ سلاحه : أستعجلوا ... وعجن الورقة إلى أن دسَّها في جيبه، خرجت دُون أن تلفظ كلمة لتفتح باب غرفتهم، دخلت لترى ضيْ جالسة وأقدامها تهتَّز بخوف ويديْها تعتصر بطنها بوجَع.
رتيل بلعت ريقها وهي تبحثُ بعينيْها وكأنها لا تصدق ما سمعت، أطالت في وقوفها حتى تستوعب ما يحدث، أتجهت نحو الدولاب لتستخرج معطف ضي وتمدّهُ نحوها : عبدالعزيز ينتظرنا برا
ضي بنبرة تُوحي عن ألمٍ فظيع تشعر به : عطيني جوالي
رتيل تمده لها وهي في دورها تأخذ هاتفها : لا تتصلين على أبوي أنتظري عبدالعزيز
ضي : وين بنروح؟ ماني فاهمة شي
رتيل تُمسك يدها لتتجمع في عينيْها الدموع دُون ان تتجرأ أن تنزل واحِدة تُريحها : طيب قومي الحين ... أكيد عبدالعزيز عنده مكان ثاني
وقفت بلا قدرة على المناقشة أو القرار، أرتدت معطفها لتسحب حجابه وتلفُّه، خرجت مع رتيل لتلتقط عين عبدالعزيز الفرد الناقص : وين عبير ؟
رتيل التي لم تستطع أن تُخبره ولم يترك لها وقت للكلام، رفعت عينها بمحاولة أن توضِّح لها بنظراتها.
عبدالعزيز بدأت البراكين تشتعل في صدرِه وعقله معًا، ضي : أتصلوا على جوال رتيل!
رتيل تفتح هاتفها : أنا عندي أبلكيشن يسجل المكالمات، . . . . ثواني قليلة حتى فتحت المكالمة وصوتُ فارس الواضح تعرفه إذن عبدالعزيز.
بدأ يتشابك في عقله ألف فكرة، مالذي يجعل فارس يُخطط على أخذها وكيف خرجت له أو أنه دخل! شعرَ بالغيرة وكأنها أخته وليست أخت زوجته التي رُبما لا تعني له شيء بمفهومِ عقله، كل هذه الأشياء تُقذف عليّ في دقيقةٍ واحدة، ناصِر الذي أجهلُ حاله هذه الأيام و عبير التي تُسرق من جيبٍ شعرتُ أنه من المستحيل أن تتمردُ يدٍ عليه والآن؟ مالعمل!
عبدالعزيز موجهًا سؤاله لضي : من متى ؟ وكيف ما قلتي لي ؟
ضي بربكة : صحيت ومالقيتها وبعدها دق جوال رتيل
عبدالعزيز أخذ نفس عميق وهو يشعر بأن المصائب تتواطىء عليه من كل ناحية، كيف يتصرف ؟ لا رجل هنا حتى مقرن مختفي ولا يُجيب على إتصالاته! لا أحد من الممكن أن يثق به ليذهب لرائد فلا حل آخر ولكن " رتيل و ضي "، وقفَا بالممر لوقتٍ طويل وعقل عبدالعزيز يغيب وهو يبحث عن حل، لا مجال للمساومة أبدًا على رُوحِ عبير، مسح على وجهه بكفيّه وهو ينحني قليلاً مطلقًا تنهيدته الموجعة، رفع عينه ليضغط على زر المصعد. أدخل يديْه بجيبه ليُمسك الورقة، لا يُريد لعقله أن يتشوش من أمرِ ناصر، عقد حاجبيْه ليخرجان من الباب الخلفي، اخذ من الفندق سيارةً اخرى ليخرج مبتعدًا عن إزدحام باريس : لا تقولين لأبوك أيّ شي .. سامعة ؟
رتيل وهي تحاول أن تقاوم بكائها : طيب
وقف عند الإشارة الحمراء لينظر لرتيل وهي تُجاهد أن لا تنزل دموعها، في جهةٍ أخرى كانت ضي تسند رأسها على الشباك وتغرق بتفكيرها في الطريق.
مرر يدِه بجانبها ليشدّ على قبضته عليها، يُريد أن يبعث لها بعض الراحة من ملامسة يدها المرتجفة ، أخذت شهيق مبحوح دُون أن تنظر لعينيْه، أتى حُبك مفاجئًا، مروِّضًا لكل الأفكارِ السيئةِ عنك، أتى حُبك عقابًا لعنفواني إتجاهك، أتى سقوطِك بذرةً للحُب لم اكن أتخيل يومًا أن تصِل لهذه الحدائِق التي زرعتها في صدرِي، و " يا ما جفَّ في صدرِي حكي كثير ويا ما قلت أنك ظالم بإيدك ترويني و تحرمنِي منه يا عزيز " ، كل الخلافات التي تتشعب من صدرِي تجعلني أضعف بصورةٍ عميقة، تجعلنِي أتمنى لو كنت مكان عبير وأن لا يصيبها شيء، تراودني كل القصص التي أنتشرت في مجتمعنا بضيق شديد، تلك الفتاة التي أختطفت أمام بيتها ولم يراها أهلها منذُ 15 سنة ومازالوا، تلك العائلة التي أحتجزتها إحدى العصابات في إحدى الدول العربية وضجَّت بها القنوات، كان من النادر أن يختطف أحدًا ويعُود بكامل عافيته، وأخشى على عبير، أخشى أن لا أراها بعد الآن، جربتُ الفقد كثيرًا ولا طاقة لي بأن أفقد أمي مرةً أخرى، هي أمي و أختي وصديقتي و كل شيء أعرف تصنيفه ولا أعرف ماهيته، هي الأشياء الجميلة الناعمة التي لاأعرفُ أحيانًا كيف تُفكر وماذا تخفي، أفعلي بيْ ما تُريدين، حتى تلك الصفعة كرريها لو تودِّين ولكن لا ترحلين، لا تغيبين تعرفين ما أقسى شيء يواجه شقيقتك ؟ أقسى شيء الغياب الحاد الذي يشطرُ قلبي نصفيْن، أنا أتراجع عن كلماتي السابقة بحق عبدالعزيز بأنه له حرية العيش وأن لا يستغرق حدادُه على عائلته كثيرًا ولكن الآن – لا - ، لا أريد أن أفكر بصعوبة عودتِك، يالله ردَّها لنا، ردَّ لنا روحنا.
ركن سيارته في الضفةِ الخضراء المزدهرة والهدُوء يسكن جهاتها الأربع، أبتعد عن باريس كثيرًا. هذا البيت الخشبي الصغير الأشبه بالكُوخ أنسبُ مكان حاليًا وأأمنُ مكان، تقدَّم وأخذ الطبق المصنُوع من الفخَّار المزخرف ليقلبه ويجد المفتاح كما كان يعتاد سابقًا، فتحه لينظرُ للأثاث المرتب والمغطى بقطع قماش خفيفة، مسك الباب ليدخلان بتجمُد من برودة الجو هنا.
رتيل ألتفتت عليه : بنجلس هنا ؟ إلى متى ؟
عبدالعزيز : لين الله يفرجها .. وخرج لخلف البيت لتتبعه : بتروح لهم ؟
عبدالعزيز يبحث عن الحطب دُون أن يجيبها بكلمة، ينزل دمعها بحرقة - اللاعبير – و بحُزنٍ – عزيز – عليها.
لمّ بين ذراعيْه الحطب ودخل ليضعها في المدفأة الجدارية، أشعلها : شوي ويدفأ البيت ... أتجه نحو الشبابيك ليتأكد من إغلاقها، توجه للخارج ليلتفت لرتيل : بمِّر أجيب لكم أكل دقايق ماني مطوِّل
رتيل راقبت إبتعاده بسيارته متجهًا للدكان الصغير في محطة الوقود القريبة من عينيْها، دخلت لتجلس بمُقابل ضي وهي تُقدِّم أكمامها لتدفىء يديْها : ضيْ ..
رفعت عينيْها الغارقة لتضيق نبرتها المبحوحة : مافيه أحد جمبنا .. وعبدالعزيز ما قصر بس كثير عليه
رتيل بعُقدة حاجبيْها : تعدِّي .. إن شاء الله تعدّي
ضي بضيق : ودي أقولك شي
رتيل : وشو ؟
ضي صمتت قليلاً حتى أنهارت ببكائها، جلست رتيل بجانبها : بسم الله عليك ... أهدِي
لم أجرِّب معنى العائلة، لم أجرِّب خوف أبٍ عليْ أو حزن أمي ، لم أجرِّب فرحة شقيقاتْ بزواجِي ولم أجرِّب أيّ شعُورٍ باللذة في حياتي الحامضة، كل أمُورِي تأتٍ باردة لا ذكر لها إلا عندما أتى عبدالرحمن والآن حين أردتُ الشعور بالحريَّة، الحريّة التي تجعلني أكوِّن عائلتي أشعرُ بأن كل شيء ينهار أمامي، أشعُر بأن وجودي خاطىء، بأني في المكان الخاطىء، بأني حزينة وحزينة جدًا، أنا التي حلمتُ كثيرًا حتى سقطتُ كثيرًا، أنا التي أحببتُك بكل الدوافع التي أفهمها ولا أفهمها أشعرُ بعنفِ غيابِك عليّ، ليتني ذهبت معك، ليتني أجاورك كظلِك وأُخبرك عن الذي في بطني دُون أن تضيق، دُون أن تغضب، أُريد أن أجرِّب طعم مرور هذه الكلمة على لساني، أُريد أن أقول " أنا حامل " لأرى ضحكتِك وإبتسامتِك.لأرى المطر في غير موسمه والغيمُ يتشكَّل لنا، أُريد وبشدَّة يا عبدالرحمن ولكن أشعرُ بكارثة تقترب منَّا، لا أُريد أن أتشائم ولكن لا أُريد أن أموت ببطء بفعلِ حُزني على نفسي وعليْك وعلينا جميعًا.
رتيل وهي تمسحُ على شعرها : ضي تكلمي شغلتي بالي ...
وهذا الضعف منها لم تراه رتيل من قبل وبين ذبذباتِ بكائها يأتِ صوتها متقطعًا مرتجفًا ببرودةِ الأجواء : حامل
توقفت يدِها من المرور على شعرها وهي تتلقى الخبر بصدمَة رُغم أنه أمرًا طبيعيًا ولم تكُن ستستغرب أبدًا لكن بمُجرد ما سمعته شعرت بدهشةِ قلبها، أخذت نفس عميق : أبوي يدري ؟
ضي هزت رأسها بالنفي والتعب يحاصرها من كل زاويَة وجهة، رتيل : خايفة من ردة فعله ؟ صح ؟ . . .
ضي بحزنٍ يغرزُ قلب رتيل معه : لأن ماني قادرة أفرح بأيّ شي .. بزواجي مقدرت .. والحين ماني قادرة .. وفي كل مرة .. مقدر، دايم أحس أني جاية في وقت غلط! جاية في مكان غلط .. دايم أحس أنه مالي وجود .. مالي مكان ..... ممكن بسهولة الكل ينساني
رتيل يتحشرجُ صوتها بالرجفة : ليه تقولين كذا ؟ هذا مكانك ولك وجودك في قلب أبوي وفي قلوبنا كلنا .. لا تقولين كذا ضي يمكن الظروف ماهي واقفة معنا كلنا مو بس أنتِ لكن هذا ماهو معناته أننا ما نبيك بيننا حتى عبير اللي كانت رافضتك بالأخير رضت وشفتيها آخر فترة كيف متقبلتك ..
ضي تمسح وجهها بكفيّها الدافئة : أبوك مايبي مني عيال ولا راح يرضى فيه ..
رتيل تنهدت : أكيد مو قاصد بهالمعنى الحرفي .. يمكن بهالفترة بس
ضي تهطلُ دموعها بغزارة الحزن الذي يسكنُ بطنها : وش أقول غير الحمدلله؟
تشدَّها نحوه لتعانقها وهي تحاول أن تبعثُ بعض القوة لها : ماتدرين الخيرة وينها . . . . أطالت في عناقها وهي تشعرُ بمسؤوليتها إتجاه زوجة أبيها، لا تعرف ماهو إحساسها أول ما سمعت " حامل " ، شعرت بشيء يندفع نحو قلبها بشدَّة، حامل؟ هذه الكلمة من حقها أن تُلخبطني.
سمعَا صوت السيارة لتُردف : أكيد عبدالعزيز جاء ... أبتعدت عن الجلسَة الريفية لتفتح الباب قبل أن يأتِ، وضع الأكياس على الأرض : جبت لكم الضروري .. إذا صار شي أتصلي علي بس لا تفتحون الباب ولا تطلعون .. تمام ؟ .. عطيني جوالك عشان تتصلون
رتيل تمدُّه له دُون أن تنطق شيئًا وعينيْها تحكِي خوفها اللاذع عليه،
عبدالعزيز أبتعد ليلتفت متنهدًا : ممكن ما أرجع اليوم .. ولا بكرا .. المهم لا تشغلون بالكم مو صاير شي ..
رتيل لوت شفتِها السفليَة للداخل وعيناها تفيض، أقترب منها ليُقبِّل ما بين حاجبيْها، وقفت على أطراف أصابعها لتعانقه بشدَّة لم تسبقها شدةٍ من قبل وهي تدسُّ وجهها في عنقه وذراعيْها تُحيطان رقبته، رفعها لمستواه وذراعه تُحيط بظهرها، والهواءُ البارد يدُور حولهما ليخرج كبخارٍ أبيض بين شفتيهما، لا أدرِي ماذا يُخطط رائِد أن يفعل بيْ هذه المرَّة، كان لزامًا عليهم أن تختفي عائلتنا بأكملها، بقي فردًا وكان من اللازم على رائِد أن يُنهيه، لا أتوقعُ الكثير هذه المرَّة ولكن الموت الذي يقترب منِّي أعرفه جيدًا، أعرفُ كيف سيهدد بيْ إلى أن يُسقطني، لا مفَّر بوجود عبير! سيجبرني على الموت مثلما أجبرَ أبي أم أجبره غيره فالحكايةُ نفسها تُعاد، كُنت أقول أن طيف المقبرة ألمحهُ على دوام، على دوام يا رتيل، وأخشى أن يأتِ حقيقة، وأتى مثلما لمحتهُ ، أتى بضراوةٍ لم أتوقعها، هل هذا عناق الوداع؟ وهل هذا نتاجُ معصيتي؟ هل تأتِ نهايتُنا أسرع مما نتوقع، أسرع مما يجب ؟
بللته بدموعها وحرارةُ أنفاسها تلتصقُ بجلدِه، لم نكُن نقوى أبد على لفظِها حتى في أشدِّ الأوقات، ليتني أستطيع أن أقولها يا حبيبي، لِمَ الكلمات تستنكرني؟ تهربُ منِّي وتكره أن تأتِ على لساني.
يهمسُ وهو الغارق بها، هل يُجدِي الإعتراف بشيء الآن، كنت أتمنى للحظة أن لا يضيعُ العمر من تحتنا ولكن ضاع، ضاعت أيامٌ كثيرة كان من الظلم أن تضيع، كان من الغباءِ أن تسيرُ ببطء أمامنا ونراقبها بعينٍ مفتوحة دُون أن نفعل شيء : أنتبهي ليْ . . . وتركها متجهًا لسيارته، تراقب خطواتِه بعينيّ البكاء، " أنتبه لك في بُعدِك " أيعني هذا أن قلبُك معي ؟ أتعترف يا عزيز الآن ؟ " وين أروح ؟ " في غيابِك، ماذا لو فعلُوا بِك شيء ؟ ماذا لو تبخرت من حياتي؟ يالله! إني أستودعتُك إياه وأستودعت قلبي الذي يملكه فلا يمسّه ضرًا ولا سوءً. شدَّت على بلوزتها الصوفيَة وهي تحضنُ نفسها ببكاءٍ يغرقها، تراقب الطريق الخاوي أمامها، ذهَب ولم أخبره بأني والله العظيم أحبك.
،
بحركةٍ جريئة لم يتوقعها أبدًا وضعت يدها على ذقنه لتلفهُ نحوها : مضيِّع في وجهها شي ؟
لم تفهم الممرضَة ما قالت لتنسحب بهدُوء بعد أن أطمأنت متجهة للغرفة التي تليها، سلطان ينظرُ لها بعُنفِ عينيْه إن غضبت : عطيني جوالك
الجوهرة : وش تبي فيه ؟
سلطان بحدة لم يعتاد على هذه القوة/العناد منها : الجوهرة! قلت عطيني
الجوهرة مازالت تخاف من نبرته الرجولية الصاخبة التي تُحدث ضجيجًا في قلبها وبصوتٍ خافت : طيب ولا تزعل الحين بطلع ... شكرًا على حسن إستقبالك . . تآمر على شي ؟
سلطان لم يُجيبها وكأنه يردّ لها العذاب النفسي الذي تلذذت به قبل قليل، أطال بنظره بعينيْها دُون أن يلفظ كلمة.
الجوهرة تنهدت : ماتبيني أقول لعمتك شي مثلاً ؟
سلطان يبعد أنظاره للنافذة، وكأنه يخبرها " مع السلامة " بطريقة لا تليقُ إلا بقوته التي لا يتخلى عنها بسهولة، بحركاتٍ غير محسوبة تُفرط في إظهار قهرها منه وهي التي أعتادت الكتمان : الله يآخذك من أوجاعي. . . أخذت نقابها لترتدِيه أمام عينيْه التي أستدارت نحوها، يراقب تفاصيل عقدتها للنقاب خلف رأسها، ينظرُ ليديْها الشديدة الفتنة : غطي إيدِك
الجوهرة بإستغراب لم تجادله فيه، مدَّدت أكمامها لتُغطيها : بالأوامر جاهز بس لما . .
يُقاطعها : بحفظ الرحمن
الجوهرة عضت شفتِها السفليَة من خلف النقاب : تعرف شي ! راح أزِّن على رآس عمتك لين أخليها تجيك يوميًا وتنشب لك وأنا ماني جايتك عشان تعرف تقدِّر حضوري زين
لم يمنع نفسه من الإبتسامة على كلماتها الطفولية ليُردف ببحتِه : والله يا جوهرتي بديتي تخربطين !
الجوهرة تكتفت وهي تنتظر حضور عمها : ماني جوهرتك لا تحاول تتملكني!
بمزاجِ الإستلعان الذي يتواطىء معه على الجوهرة : أتملكِكْ! قديمة مرة هذا الكلام لو قايلته من زمان كان ممكن يتصدَّق بس الحين أنتِ هنا يا ماما .. *أشار لإصبعه*
الجُوهرة تفيضُ بالقهر وهي تحاول ان تمسك لسانها من قول رُبما تندم عليه : طيب يا سلطان!
بإبتسامة ينظرُ لعينيْها وهي تختنق بالقهر والغضب : سلمي لي على عمتي وخليها تجيني بعد
الجوهرة : على فكرة تصرفاتك صبيانية
سلطان بإستفزاز صريح : مو يقولون كلنا بالحب مراهقين
و تسرِي الحرارة من عنقها بإتجاه قلبها مباشرةً، تشعرُ بماءٍ حارّ يصبُّ عليها بكلماتِه، بكلمةِ " الحب " تحديدًا، أرتجف قلبها ليعلُو ويهبط بإضطراب أنفاسها.
سلطان وحصلَ على مُرادِه : شفتِي! كيف أقدر احركك حتى لو بكــــــــذب! .. توِّك صغيرة على عنادِي
ودائِمًا تهزمني، حتى لحظةِ إنتصاري عليك سُرعان ما تتلاشى وتبقى أنت بقوتِك وسيطرتِك عليْ، لا شيء يسقط بيدِي يُنهِي عذابِي منك، لا شيء يا سلطان، كُل ما أوَّد أقوله لعينيْك بذاتِ النبرة " الله يآخذك يا سلطان من كل أوجاعِي وحُزني، الله يآخذك لسماءٍ تُمطِر عليّ "، المؤسف أنك تُعيد تشكيلي كما تشاء؟ أنا الصبيَّة الهادئة المتزنة أمام الناس وأمامك انا المندفعة المتناقضة الصاخبة الهادئة الحزينة السعيدة الـ كُل شيء و لا أعرفُ أين أنا من كل هذا ؟ وكيف اقُول كلماتٍ لا أتحاورُ بها أبدًا. قاسي جدًا وعيناك أقسى والله.
دخل عبدالرحمن بخطواتٍ هادئة : يالله مشينا . . توصي على شي سلطان ؟
سلطان بتشفِي حقيقي : لا . . . أنتبهي لنفسك زين يالجوهرة عشان قلبك مايوجعك مرة ثانية
عبدالرحمن الذي يفهم سلطان كثيرًا : ضربت فيوزاتك!
بإبتسامة للذي فهمه تماما : أنا ؟ بالعكس
ألتفت للجوهرة : أمشي ماهو كفو أحد يجيه !
الجوهرة " ترد له الصاع صاعين " : نام كويس يا بو بدر عشان ما يضرب لسانك معك وتقط خيط وخيط
عبدالرحمن لم يتوقعها من الجوهرة لينفجر بضحكته : هههههه ههههههه تصبح على خير و ترى ماهو في صالحك تحط راسك في بنت جدها خالد آل متعب
الجوهرة وشعرت بالنشوة من دعم عمها البسيط بكلماته : نوم العوافي .. توصي على شي؟
سلطان ينظر إليْهما والحدَّة تعقد حاجبيْه : سلامتك
عبدالرحمن بإبتسامة تُبيِّن معها أسنانه : فمان الله .. وخرج معها.
،
بهدُوء يعطِّل آخر كاميرَا متواجدة خلف الجدار، ليلفظ : كذا وصلت المعلومة لهم . . في كل مرة ألاحظ أنه حتى أذكى الناس فيهم جانب غبي!
: هم قالوا بيذبحون ولد سلطان ؟
: الله اعلم ! بس أسامة يقول أنه رائد يبي ينهيه بطريقته .. هههه الشماتة شينة بس أتخيَّل منظر عبدالعزيز قدامه . . . . . . هالمرَّة ماظنتي رائد بيرحمه والله لا يطلِّع جنونه كلها عليه
: ههههههه أنا أقول خلنا نهرب قبل لا يشكون فينا ... أتوقع خلصنا أمورنا ورائد مو سائل عنَّا
: لحظة أنتظر سليمان وش يقول يمكن يحتاج شي من قصره!
: مو محتاج شي خلاص كل شي عندنا و أسامة مضبط كل أموره هنا وأصلا هو يخطط بعد يهرب منه قبل لا يبدأ بموضوع عبدالعزيز
: طيب . . . ألتفت عليه وهو يصعد للأعلى . . . قالها عمر كل الأشياء بتختفي من جذورها يعني سلِّم على عبدالعزيز واللي معه
يتنهد الآخر وهو يتبعه : سلطان العيد لو كان من البداية ريّح نفسه ماكان صار فيه اللي صار هو وأهله والحين سلطان و بوسعود يسوون نفس ما سوَّا ! يتحملون اللي يجيهم دام هم ما تعلموا من سلطان
: بس سلطان العيد لا تنسى أنه كان بعد تقاعده يعني مليون بالمية ما كان عند سلطان وبوسعود علم بالموضوع! كِذا ولا كِذا أظن أننا قدرنا ننجح . . وبإبتسامة النصر : يبي لنا نحتفل ؟ بقى شويَّة وتنضرب الروس الكبيرة في بعضها ويتبخرون مثل ما تبخَّر سلطان العيد من قبلهم
بإبتسامة : تصدق ماتوقعت أننا بنكمل لين النهاية ومثل ما خططنا! ولا شكوا واحد بالمية في سليمان الفهد .. ولا شكوا فينا .. والله يبي لنا نحتفل على شرف غبائهم
: أنتظر بس الجو بيحلى مع أسامة بعد ...
: صدق وش بيصير على حمد ؟ بتقولون له ؟
: وين نقوله أصلاً أسامه بيسحب عليه هو وعده وقاله بخلصك من رائد وبخليك تشتغل بشغلة ثانية بس أسامة ماله نية يقول لسليمان عنه ولا راح يقول هذا اللي أظنه .. خله حمد عبد لرائد *أردف كلمته الأخيرة بضحكة شامِتة*
: طيب بكرا الفجر نطلع أنسب وقت ؟
: إيه أكيد
ينظر للورقة التي بين يديْه وهي تنقش أسماء كثيرة مشطوبة، الأسماء الأخيرة التي لم تُشطب كانت واضحة جدًا بالحبرِ الأسود " سلطان بن بدر الجابر ، عبدالرحمن بن خالد آل متعب ، فيصل بن عبدالله القايد " و أسماءٌ على الجانب الأخير تُحيطها الدائرة " ناصر الثامر ، عبدالعزيز بن سلطان العيد " : حط هالورقة معك لا تضيع
الآخر يستلم الورقة بإبتسامة شاسعة : قريبًا كلهم بحّ !
بضحكة صاخبة : soon يا حبيبي soon
،
يطلّ عليها وهي مستلقية على السرير الناعم وتُعطي الباب ظهرها، لم تنتبه لوجودِه، يسترجع أولُ ما أدخلها إلى هُنا وصراخها الذي لم يتوقف، رُغم أنها لم تنتبه لصوتِه ولم تربطه بشيء سوى كلماتها التي أتت بحرقة تُقطِّع صدرِه العاشق " أبعد عننييييييييييييي لا تلمسني .. لو فيك ذرة رجولة ما قرَّبت لبنت! لكن أنتم ناس قذرة جبانة ما تعرفون توقفون مع الرجال وجه لوجه أنتم تلوونهم بالحريم لأنكم ناقصين! " . . ثارت بكلماتها بغضبها بحزنها ببكائها حتى خرج تارِكًا ثورتها خلف ظهره، ألتفتت بفزع لينطق بهدُوء الحب الذي يسكنه : بسم الله عليك.
عبير تستعدِل بجلستها وهي تحكمُ الشدّ على معطفها : وش تبي؟ . .
فارس: جبت لك الأكل ..
عبير أخذته بهدُوء لتطمئن ملامح فارس براحة لتُفاجئه برميْها على وجهه بعنف : ما أبي شي منكم
فارس الذي تبلل بالعصير، سحب منديلاً وهو يمسح وجهه بجمود ملامحه التي لم تشتدُ بغضب ولم ترتخِي أيضًا : عبير .. قلت ماراح اضرِّك بشي
عبير بعصبية وأعصابها تتلف شيئًا فشيئًا كل الخوف الذي كان يسكنها يتبخر أمامهم جميعًا لتثُور بغضبها : لا تقول إسمي، راح يجي أبوي وصدقوني ماراح تفلتون أبد! راح تشوف انت وأبوك والكلاب اللي معكم
فارس : طيب .. ممكن تسمعيني ؟
عبير بحدة : لا
فارس لا يصطبر على وجهها القاسي، لم يتوقع يومًا أن يرى جمالاً بهذه القسوة، بهذا العنف الذي لا يعرفُ كيف يقف أمامه، يجهل تماما كيف لإمرأة تجتمعُ جميع الإناث في وجهها، كيف لجمالٍ ناعمًا أن يكُون قاسيًا يجلد عينيْه في كل مرةٍ ينظر إليْها، كيف لصوتٍ حادٍ يشعرُ بأن طعمهُ ألذُ من السكر، هل للصوتِ طعم؟ أثقُ بذلك ما دامتْ عيناك تملكُ رائحة الزهر، أنتِ الإستثناء من هذه الحياة ومن هذه المعتقدات. : ماراح أضرِّك .. أفهمي هالشي
عبير وهي تتأملُ صوته، تتأملُ كلماته، أرتجفت فكوكها وهي ترتطمُ ببعضها البعض، تغرقُ عيناها شيئًا فشيء، بلعت ريقها الجاف دُون أن تلفظ كلمة. تتكوَّرُ في جُحرِ صمتها و تضيعُ نظراتها بهذه النبرة.
شعر بأنها تتعرفُ عليه، تأكد من نظراتها أنها بدأت تدخلُ في مرحلة شكوكها ليلفظ بنبرةٍ أبكتها : فارس يا عبير . . قلت لك مرة كيف ألوِّن تعاستِك ؟
أنحنت لتُغطي وجهها بكفيّها وهي تحفظُ الرسالة تمامًا، عندما أرسلها في وقتٍ ضاقت بها كل الدنيا ومساحاتها " هذه التعاسةُ الرماديّةُ في عينيك ما سرُّها؟ وماذا أستطيعُ أن أفعلَ كي ألوّنَها؟ " غرقت بحزنها الظالم على قلبها الهشّ، لم تتوقع أبدًا! لم تتوقع يومًا أن مجرمًا تعشقه لهذا الحد، كان عقابًا من الله أنتظرته، في الوقت الذي عصيتُه به لم يكُن عصياني شيئًا سهلاً وهو يُسجَّل في صحيفتي، كان قويًا بحقِ من أعطاني كل هذه النعم، كان قاسيًا بحقِ نفسي، وهذا أنا أدفعُ الثمن، غلطتِي أدفعُ حسابها فأنا لم أحب شخصًا عاديًا، أحببتُ مجرمًا حتى أذوق لوعة هذا

يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات