بارت من

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -139

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي - غرام

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -139

رتيل أرتفع صدرها بالربكة ليهبط بشدَّة : أقصد ما سمعت بإسمه .. يعني ما قد مر عليّ أحد إسمه مشعل في حياتي كلها
عبير : فيه شي ما أعرفه ؟
رتيل : وش فيك عبير! قلت لك بس رايي .... والقرار راجع لك
عبير : أحس فيه شي تعرفينه وماتبين تقولين لي
رتيل : ولا شي صدقيني ... أنا بس توترت من سالفة أبوي وعبدالعزيز ودخلتوا عليّ بسالفة هالمشعل فقلت رايي دامه دكتور ماشاء الله فأكيد إنسان متزن وواعي ومثقف .. ويناسبك
عبير بضيق : بس مو غريبة أبوي يوافق؟ ماهو من جماعتنا .. يعني صعب يوافق على ناس غريبيين عنَّا
ضي : دام أخلاقه زينة ووظيفته ممتازة ومستواه الإجتماعي جدًا ممتاز .. ليه يرفض ؟
عبير : مدرِي!! بدون لا أصلي إستخارة أنا ماني مرتاحة لموضوع شخص غريب ما قد سمعنا فيه ولا نعرفه
ضي : يعني لو تعرفينه بتضمنين حياتك بتكون سعيدة معاه ..... صدقيني عبير ماتدرين وين الخيرة
شعرت بثقب قلبها، لتقف : عن إذنكم ..... أتجهت نحو الحمام لتغلق عليها الباب وتنسابْ دموعها بهدُوء، تكره أن تضعف بهذه الصورة القاسية ، لا اعرف كيف ابدأ حياة مع شخص لا اعرفه، لا أعرف كم يلزمني من الحجج حتى أُعيب هذا الشخص الذِي يدعى " مشعل "، لا اعرف عنه شيء سوى إسمه ومؤهلاته العلمية وفقط! وأنا التي بدأت أؤمن بالقلوب وإنتماءاتِها، وماذا عنه؟ هل سأنساه؟ هل سأنسى صوته الذي أقتبستُ منه رجولته العنيفة لقلبي، هل سأنسى نبرةُ الكلمات التي تسيرُ ببطء والأخرى التي تهرول بعجل، هل سأنسى صباحاتٍ تبدأُ برسائله الصيفيَة الرقيقة، هل سأنسى الليالِ التي تغزَّل بيْ بها، كُنت أدرك أن عقاب الله ليْ مدويَّا، هذا الـ " مشعل " لا أشعرُ بحسنِ أخلاقه، لستُ أسيء الظن ولكن أؤمن بأنّ الله يُمهل ولا يهمل، وبأن الله غفور رحيم .. وأنا ما بينهما ضائعة، ضائعة تمامًا لا أدرِي هل سيكُون مشعل عقابٌ ليْ على معصيتي لله أم سيكُون تعويضٌ من الله، ليتني لم اعرفك، لم أسمعُ صوتك وأتولعُ به، مرّ صوتِك كالخطيئة التي نندمُ عليها ولكن لا نقتلعُ منها، مرّ صوتُك كالدُخان الذي نشتمه ليلاً نهار ونعرفُ أضراره ولكن نُمارسه، أتى حُبك عاصفًا فأستحلَّني.
،
تقطعُ الساعات قلبها الذِي يواصل الدُعاء والحديثُ خفيَّةً لله، على سجادتِها تنظرُ للساعة التي تُشير للسابعة صباحًا ولا إتصال يُطمئنها، سجدتْ لتُغرق دمعاتها الشفافة الأرض " يالله إنَّا عبادُك لا نسألُ أحدٌ غيرك، ندرك بأن هذه الدُنيا بما فيها من كائناتٍ وبشر لن تستطيع أن تقدم لنا المعونة، لن تقدر أن تقف بوجهِ ما قدرته لعبادِك، فـ يارب نحنُ نسألك أنت وحدك، إنا نسألك بكل إسم سميتهُ به نفسك، أنزلته بكتابِك أو أوحيته لأحدٍ من خلقك أو آثرته في علم الغيب عندِك أن لا تُرينا به مكروهًا، يالله أنت ما أمرتنا بالدعاء إلا لتستجيب لنا فيارب ردَّ عنه كل مكروه وأذى ولا تُفجعنا به "
وقفت وهي تمسحُ بكائها، نزعت جلالها لتنظرُ لهاتفها الذي يُمارس قساوته على قلبها، لا يهتز ولا يُضيء لرسالةٍ تُريح صدرها الهائجُ له، لن تنتظر أكثر، لن تستطيع الإنتظار أكثر، أتصلت على من تملكُ رقمه ولا تتصل به أبدًا، هذا الرقم الذي كتبه لها سلطان على يدِها بلحظةٍ أقشعر بها جسدها بأكمله من حركته.
منذُ فترةٍ طويلة، منذُ ان عينَّ رجالٌ حول هذا البيت يحاصرونه من كل مكان، على عجلٍ يرتدِي ملابسه حتى سحب قُبعته العسكرية وألتفت عليها : عندِك أرقامهم كلهم صح ؟
الجوهرة التي كانت مغتاضةً منه ومن أذى لسانه على قلبها: لا
سلطان : طيب بسرعة سجليه ..
الجوهرة : جوالي طافي بس لحظة أشحنه ...
سلطان بخطواتٍ سريعة توجه لها حتى أرتطمت أقدامه بأقدامها، يُخرج من جيبه قلمًا ويسحب يدها ليكتب لها على باطنِ كفَّها وأنفاسه تختلط بأنفاسها المُضطربة، رفع عينه لها : متى ما صار شي أتصلي عليه .. اتفقنا ؟
الجوهرة سرحت في عينيْه ليغيب سمعُها عن صوته، حرَّك لها يدِه لتستوعب : طيب
إلهِي لَكَمْ كان صوتُك مدعاةٍ للتأمل، كم كان صوتُك فرصةً للتفكُر، ضغطت على زر الإتصال وهي تأخذ نفسًا عميقًا : السلام عليكم
: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، آمري يا أم بدر
أرتعش قلبُها، حتى أرتجفتْ شفتيْها وضاعت الأحاديثُ منه، " أم بدر " كيف لهذه الكلمة أن تُشتتني هكذا! كيف لهذه الكلمة أن تُغيِّب وعييْ لأفكر فقط بإسم " بدر " و " أم التي تقترنُ به، يا شدةُ الفتنة التي تمرُ على لسانِ من يُناديها " أم بدر " يا شدةُ الفتنة التي تشطرُ قلبها ولعًا، أن أحمل طفلاً من ملامحك الهادِئة وإن قسَت، أن نناديِه مثلما تُحب ولن أتدخل أبدًا، يالله على هذه الأحلام التي تعبرُ ألسنة الغرباء وهُم لا يدرُون أيُّ حزنٍ يجلبون لنا.
: أم بدر معاي ؟
الجوهرة بربكة : ايوا .. أبغى أسأل أنتهت العملية
: توني طلعت من الدكتور وطمَّنا، الحمدلله يقول الإصابة طفيفة ما جت بالعمق، يعني الله ستر وجت على السطح وماكانت قريبة من القلب، إن شاء الله بكرا الصبح راح يصحى ...
الجوهرة : الحمدلله، ماراح نقدر نشوفه اليوم ؟
: للأسف لا وما أظن لو كان بو بدر واعي بيرضى .. أعذريني طال عُمرك
الجوهرة تفهمت لأنها تعرف جيدًا كيف يُربي رجاله على قوانينه وطباعه : طيب مين عنده الحين ؟
: تطمَّني كلنا موجودين وماراح نتركه
الجوهرة بضيق : طيب إذا صار شي ثاني ياليت تبلغني
: إن شاء الله
الجوهرة : مع السلامة
: بحفظ الرحمن .. وأغلقه ليترك الجوهرة تُصارع نوبة حزنها، كيف تنتظر للغد حتى تستيقظ عيناه والآن الساعة السابعة، كيف سأتحمَّل قسوة هذا اليوم بأكمله، ليت والِدي كان هُنا حتى أبلغه ويذهب إليْه، يالله هل من المحتمل أن يكذب عليّ ؟ من الطبيعي أن يحاول أن يستر أيّ شيء يُخيفني ويُرهبني فهذه عادات سلطان الذي يُخبرنا بشيء عكس الواقع فقط لنبتسم، ليتني كُنت موجودة بجانب الهاتف عندما أتصل آخر مرة، ليتني سمعتُ صوته ونبرتُه حتى أطمئن على قلبه، هل كان بخير وقتها أم لا ؟
نزلت للأسفل حتى تُطمئن حصَة التي لم تُغلق عيناها طوال الأمس من شدةِ الأسى عليه.
،
لستُ ضعيفة لك ولن أستسلم أبدًا حتى تتمادى بضربك، إن ضربتني مرَّة فانت قادر أن تُكررها مرةً و مرتيْن وثلاث وأربع وأكثر، لن أضعفُ أبدًا وستعرف من هي " ريم " يا ريَّـان، سيعلم جيدًا بأن خلفِي أشقاء لن يُرضيهم أبدًا ما يحدثُ بي، أتصلت على منصور الأقربُ لها ولأنها تثق بإتزانه كثيرًا، لم تمرّ سوى دقائِق حتى أجابها وهو يدخلُ لمكتبه في العمل : هلا بالصوت والله
ريم ببحةِ بكائها الليلة الماضية : هلابك، شلونك ؟
منصور بشك : بخير .. فيك شي ؟
ريم لم تكُن تجهِّز نفسها للبكاء أمام أخيها ولكن سؤال " الحال " دائِمًا ما يُتعب حالنا أكثر، بضيق : أبغى أسألك الحين أنت في الشركة ؟
منصور : إيه
ريم : طيب ينفع بعد ما تخلص تكلمني ... ضروري
منصور : الحين ماعندي شي .. قولي
ريم : منصور أبغاك تجيني ...
منصور يجلس بخوف من أن حُزنًا اصابها وهي بعيدة عنهم : وش فيك ريم ؟
ريم : مقدر أقولك بالجوال .. أبي أشوفك
منصور : طيب قولي عن أيش؟ شغلتي بالي
ريم ودموعها تتدافع على خدها : أبي أتطلق ..
منصور صمت لثواني طويلة حتى أردف : ليه؟ وش مشكلتك معه ؟
ريم بصوتٍ تتحشرجُ به الخيبات وتؤلم قلب منصور معها : ما أبغاه يا منصور .. أحس بموت لو جلست أكثر
منصور : بسم الله عليك .. طيب ريَّان وينه ؟
ريم : مدري
منصور : طيب أبو ريان ؟
ريم : ما شفته من يومين
منصور : طيب ... أنتِ الحين أهدي وأنا بكلم أبوي عشـ
تُقاطعه : ما أبي أبوي يدري ... لا جيت هناك أنا أكلمه بنفسي
منصور تنهَّد : طيب لأن أصلا أنا لازم أناقشك أول وأعرف وش الموضوع .. ما يصير كذا تطق بمزاجك تبين طلاق وبعدها تندمين
ريم بقسوة الأنثى إذا خُذِلت : ماراح أتناقش بشي، أنا قررت وخلاص ... ماأبي ريَّان وأبي أتطلق منه وبأسرع وقت بعد
منصور بتضايق من إندفاعها ليُردف بحدة : ريم! هذا طلاق مو لعبة ... وش هالمصيبة اللي مسويها ريَّان عشان تطلبين الطلاق ..
ريم بمثل حدتِه : مدّ إيده عليّ
منصور تفاجىء ليصمت لثواني حتى يُردف : ضربك!!!
ريم بضيق دمعها الذي ينسابُ بصوتها : ترضاها عليّ؟
منصور بغضب يقف : طبعًا لا ... ما تجي صلاة الظهر إلا أنا عندك ... وأغلقه.
،
تُغلق من إبنتها وهي مُجعدة الجبين، تحزنُ أضعافًا من أضعافها، ومهما تعاظم الألمُ والوجع في قلوبنا فأضعافُ عظمته يسكنُ قلب الأم، : الله لا يفجعنا فيه.
أفنان ضاقت من الخبر وكأن الحُزن يقف كالغصة كُل مرةٍ تبتسمُ الحياة لأختها : آمين ...
والدتها بتنهيدة : الله يعنيهم بس ... حتى بوسعود ماهو موجود في الرياض!
أفنان : يمه صح بغيت أسألك .. تركي مغيِّر رقمه ؟
والدتها : يقوله أبوك، قلت أبي أكلمه قالي مسافر ولا تتدخلون فيه .. أبوك يبي يجنني! أكيد متمشكلين مع بعض وإحنا اللي نآكلها
أفنان رفعت حاجبها بشك : صار له أكثر من شهرين ما شفناه .. وش هالقطاعة!! حتى أكلمه بالواتس آب ما يرد .. والحين بعد آخر دخول لها قبل فترة طويلة ...... غريبة أنه أبوي متهاوش معه؟ يا كثر ما كانوا يختلفون بس ما توصل للهواش!
والدتها : وش أسوي بعد! عجزت معه كل يوم أكلمه عنه ويقولي لا عاد تفتحين السيرة ... الله يحنن قلبه على أخوه ما له أحد غيره !!
أفنان : وريَّان ما يسأل عنه ؟
والدتها : لأ
أفنان : أجل أكيد متهاوش مع ريان
والدتها : على طاري ريَّان مدري وش فيها ريم هاليومين .. أخوك بعد الثاني يبي يذبحني
أفنان أبتسمت بسخرية : زين ما أنهبلت لين الحين!
والدتها بنظرةٍ حادة : أفنان ووجع!
أفنان : الجلسة مع ولدك ما تنطاق عاد شوفي الحين وش مسوي مع بنت الناس ووش مهبب . . أنحنت لوالدتها لتُقبِّل رأسها ... سلام يا حبيبة قلبي ... وخرجت لتصعد لغُرفتها ويهبُّ عليْها ذكرى آخر يوم لها في كَان، أبتسمت لتتلاشى بسرعة من شعورها بالذنب.
الساعة الحادية عشر صباحًا – توقيت باريس – كَان.
أنتهى التكريم لتحصَل على المرتبة الرابعة في هذه الدورة الشتويَة، أتجهت نحو مكتبها وهي تتلذذ بطعمِ الشوكلاته السويسرية، وضعت باقة الورد وشهادتُها على الطاولة لتجلس سُمية أمامها : وش رايك نصيع ؟
أفنان : هههههه نصيع! يعني يدخل تحت أيش ؟
سمية بشغف : بما أنه الحين الوقت ما يساعد وش رايك الليلة نفلَّها ونروح نايت كلُوب !
أفنان بدهشة : مستحيييل
سمية : ماراح نرقص ولا راح نشرب .. بس نتفرج ونوسّع صدرنا
أفنان : لآلآ مستحيل ما أدخل هالاماكن
سمية : هي مرَّة وحدة في العمر جربي وماراح تخسرين شي
أفنان : ماأضمن نفسي أخاف لا رحت أستسهل أذوق شي ولا أتحمس أسوي شغلة غلط
سمية : ليه بزر ما تقدرين تسيطرين على نفسك!!
أفنان بجديَّة : ماهو سالفة مقدر أسيطر على نفسي لكن الأنبياء وهم الأنبياء كانوا يدعون الله ويستعيذون من الشرك! وهم أنبياء كانوا يخافون يقعون في الشرك فما بالك إحنا .. يعني أخاف أستسهل شي إذا دخلته
سمية تنهدت : يالله قد أيش نكدية يا أفنان الله يعين اللي بيآخذك
أفنان : ماني نكدية بس ننبسط بدائرة الأشياء المباحة ... يعني والله أيام ما أجتمع مع بنات عمي عبدالرحمن أفلَّها وننبسط ونسوي أشياء فظيعة لكن ما نتجرأ نسوي زي هالأشياء
من خلفها : عذرًا على المقاطعة
ألتفتت عليه لتتسع إبتسامتها : هلا
سميَة بنظرة الخبث التي تفهمها أفنان جيدًا : طيب عن أذنك فنو ...
نواف : مبروك
أفنان : الله يبارك فيك ... وشكرًا على كل اللي سويته وماقصرت جد ساعدتني كثيير
نواف بنبرته الهادئة : العفو .. واجبنا
بدأت أصابعها تتشابك من الربكَة ليقطع ربكتها : متى طيارتك ؟
أفنان : بكرا الساعة 4 العصر
نواف : توصلين بالسلامة . .
أفنان : الله يسلمك، توصي شي ؟
نواف : سلامتك، ومن هالنجاح لأكبر يارب ... عقبال ما نشوفك محققة نجاحات ثانية
أفنان : آمين الله يسمع منك ... أرتعشت شفتيْها لتشدّ عليها بأسنانها والرجفة تتضح على ملامحها المُشتتة.
نواف أرتبك من أن يفتعل أيّ موضوع ليُطيل وقوفه معها، بإبتسامة لم تكُن لتخرج : فمان الله ..
يُتبع
تحسس الأبوة وهو ينظرُ للجنين في بطنها، رُغم أن لا شيء يتضح ولكن قلبه الذي ضخّ الدم بصخب كان يحكِي عن شوقه لرؤيته أمامه، جلس بعد أن أرتدت مُهرة عبائتها ليستمع للنصائح الثقيلة من الدكتورة، كان مُتمللاً لآخر درجة من أشياء يعرفها بديهيًا، ألتزم هدوئه حتى ألتفت بدهشة : وشهووو ؟
مُهرة أحمرَّت خجلاً لتُشتت نظراتها لكل شيء ماعداه، أردفت الدكتورة بإتزان : شو بك ؟
يوسف : لا خلاص ولا شي
: إزا عندك سؤال تفضَل
يوسف إبتسم بسخرية : ما قصرتي هو بقى شي ما قلتيه
بإبتسامة تُبادله : ولازم تنتبه من هالشي منيح
يوسف يُقلد لكنتها : شِي تاني ؟
: يا يوسف ما عم تآخد الأمور بجدية ... عم بحكِيك حتى ما يصير شِي مستئبلا *مستقبلاً*
يوسف يُحرج مهرة : لأني أنا بالفطرة مكتسب هالعلم المُذهل وعمليًا بعد
ضحكت الدكتورة بصخب لتُردف : ما عليه طوِّر معلوماتك البدائية
يوسف : معلوماتي ماهي بدائية لكن مصدوم يعني كيف ...... ولا أقول أستغفر الله اللهم لا إعتراض بس
مُهرة تضرب قدمه ليصمت : طيب دكتورة فيه شي ثاني ؟
الدكتورة : لا ...
يوسف : شكرًا
الدكتورة التي أستمتعت بوجود يوسف : عفوًا تعَ معها كتير
مُهرة تهمس ليوسف : سلِّم عليها بعد .... وخرجت.
يوسف أكتفى بإبتسامة وخرج خلفها : من هالجهة يالحبيبة
مُهرة بغضب بعد أن أخطأت الممر، عادت لتخرج لمواقف السيارات. ركبت وأغلقت الباب بغضب.
يوسف بإستفزاز لمُهرة : ههههه لو أدري أنه مواعيدك كذا كان كل يوم جاي معك
مُهرة أخذت نفس عميق : لو سمحت يوسف خلنا نرجع البيت قبل لا أنفجر الحين
يوسف بإبتسامة يُحرِّك سيارته : كنت أمزح وش دعوى زعلتِي ؟
مُهرة : تضحك معها ومطيِّح الميانة وتقول أمزح!
يوسف : أحمدي ربك قدامك وماهو من وراك
مُهرة ألتفتت عليه بحدَّة ليُكمل : يعني قبل كل كلمة أقولها بجلس أقول تراني أمزح
مُهرة : بس فيه حدود! يعني ترضى أنكِّت مع دكتور
يوسف : أقطع راسك
مُهرة بغضب : يعني أنت حلال بس أنا لأ
يوسف : أنا ما نكَّت بس كنت مصدوم فعلا من المعلومة وهي ضحكت فضحكت معها
مُهرة بسخرية : مررة مصدوم!
يوسف ألتفت عليها عندما وقف عند الإشارة : بذمتِك .. مو أنصدمتي زيي ؟
مُهرة مسكت نفسها لتضحك رُغم أن الحرج يلوِّن وجهها بالحُمرة : كمِّل طريقك
يوسف : ههههه وتوصينا بعد .. أستغفر الله بس
مُهرة بربكة وهي تشعرُ بالحرارة من أقدامها إلى شعرها : يوسف خلاص
يوسف : خليك وسيعة صدر يالشمالية
مُهرة : وسيعة صدر بس ما ينفع بعد تجلس تطيِّح الميانة مع اللي يسوى واللي مايسوى .. وخلاص ماعاد تروح معي شكرًا مستغنية عنك
يوسف : أفآآ .. كل هذا عشان المزيونـ
ترمي عليه علبة المناديل : لا والله تغزَّل فيها بعد ..
يوسف يركن سيارته : الحين اللي قدامه القمر وش له بالنجوم ؟
مُهرة تنزل وهي تضحك : يارب أرحمني.. منت صاحي
يدخل معها : أصلا والله ما جت عيني في عينها .. بس كنت أستفزك .. ماتعودتي على أسلوبي؟
مُهرة : تعودت بس ... مسكت بطنها بوجَع ... آآه
يوسف أقترب منها بخوف لتصخب بضحكتها في منتصف الصالة : تعوَّد بعد أنت
يوسف : قليلة خاتمة .. مناك يالله عطيتك وجه
مُهرة : هههههه ههههههه
من خلفهم : الله يديم ضحكاتكم
يوسف ألتفت لوالده : آمين ويديمك فوق رآسنا
مُهرة بحرج سلمت عليه : شلونك ؟
بومنصور : بخير الحمدلله ..
يوسف : شفت يبه وش تسوي بولدك ؟
مُهرة تُشير له بعينيْها بأن يصمت ولكن أسترسل بإغاضة : أنا مو قلت لك الشماليات إذا حقدوا أبليس يتبرأ منهم
بومنصور : زين حظك يوم خذيت شمالية
مُهرة ضحكت لتُردف : ماعليك زود
يوسف : أظن ما عاد لي جبهة
،
في ساعاتِ النهار المُتأخر في باريس، يسيرُ يمينًا ويسار، لا يعرفُ كيف يُحكم سيطرته على عقله ليُفكر بإتزان أكثر، لا أحد في الرياض يُكمل أعمالنا وسلطان مُصاب! كيف أعود الآن؟ كل خططنا راحت هباءً منثورا وهي مبنية على خطأ، كلها والآن يُريدون أن يقتلعُوا جذور الثبات فينا ويتعرضون لسلطان! كم من الصبر سأتحمل حتى أعرف من وراء كل هذا.
قطع سلسلةِ أفكاره المتلخبطة : ما تثق فيني ؟
عبدالرحمن : مو مسألة ما أثق فيك ... لكن صعب أخليهم ثلاثتهم عندك
عبدالعزيز : بحجز غرفة عندهم وبجلس بالفندق .... ماني طالع ولا راح أتركهم ...
عبدالرحمن مشوش فعلاً، مسألة أن يعود للرياض معهم ستضره مثلما تضرّ سلطان الآن في ظلّ هذه الأحداث المربكة
عبدالعزيز : خلاص تطمَّن هم في الحفظ والصون ..
عبدالرحمن : طيب .. ماراح أطوِّل بأقرب وقت أنا عندكم .. عبدالعزيز لا أوصيك لايطلعون برا هالمنطقة، خلهم قدام عينك وجوالك الثاني أغلقه، أختفي عنهم ولا تحاول تطلع كثير عشان محد ينتبه عليك .. وبس يصير شي تتصل عليّ وإن كان شي طارىء تتصل على مساعد .. عطيتك رقمه صح ؟
عبدالعزيز : إيه عندي رقمه .. أبشر
عبدالرحمن تنهد : تبشر بالجنة .... وصعد للأعلى متجها لغرفة بناته المقابلة لغرفته : السلام عليكم
: وعليكم السلام
ضيْ وقفت متجهةً إليْه وهي تترقبُ ما آلت إليْه الظروف، ليُردف : راح أرجع الرياض بس راح تجلسون هنا لأن ما ينفع ترجعون معي هالفترة ... معاكم عبدالعزيز، ماأبغى طلعات كثيرة وأي شي تبونه عندكم عز
عبير : وعمي مقرن ؟
عبدالرحمن : بيرجع معاي ... مفهوم ؟
رتيل بضيق : طيب متى بترجع؟
عبدالرحمن :إن شاء الله أسبوع ماهو أكثر
عبير قبلَّت جبينه : توصل بالسلامة
لحقتها رتيل لتُسلِّم عليه : درب السلامة
عبدالرحمن : الله يسلمكم ... خرج متجهًا لغرفته لتلحقه ضيْ.
ضي بشك : فيه شي ثاني صاير ؟
عبدالرحمن يفتح دُولابه بهدُوء : لا
ضي تُمسك يده لتمنعه من وضع ملابسه : أنا بجهز شنطتك على ما تتحمم
دُون أن يعلق أتجه نحو الحمام، يشعر بأنه أفلس من الكلام وماعاد يستهويه ان ينطق حرفًا وتفكيره غائب فعليًا عند الرياض وما يحدثُ بها الآن، من فكرة أنّ أحدٌ يتسلح ويجُول الشوارع دُون أيّ رادع، وليس شخصًا أو شخصيْن فهذه الجماعة بيننا ولكن لا نلحظها، هذه الجماعة الأكيد أننا نعرفها ولكنها تُمارس النفاق العلني، من بعد سلطان العيد أصبح المستهدف سلطان بن بدر! ومن بعدهم الأكيد أنني أصبح مستهدف حتى تتلاشى عائلتي كما تلاشت عائلةُ سلطان العيد . . ماذا يحدثُ في هذه الدنيا؟ كيف يمرُّ كل هذا الوقت دُون أن نكتشف من! لو كُنت أنت يا مقرن سيكُون عقابك لاذعًا.
تمرُ دقائِقه أسفل الماء المتصبب على جسدِه بحدَّة تفكيره، أخذ نفسًا عميقًا ليخرج والمنشفة تلفُّ خصره، نظر إليْها وهي تُغلق الحقيبة، بإبتسامة باردة تُخفي حزنها من أن يذهب إلى الرياض دُونهم : ألبس بسرعة قبل لا يدخلك برد ... أتجهت نحو نظام التدفأة لتُشغله، تنهَّد وهذه التنهيدة يُسمع صداها في قلب ضي الذي وقفت تتفكرُ بهذه الأنفاس الحارقة التي تخرجُ من بين شفتيْه.
لم يستغرق في إرتداء ملابسه الكثير وهو يأخذ معطفه وحقيبته الصغيرة التي تحوِي جوازاتهم والبطاقات المهمة، أخرج جوازاتِ رتيل وعبير وضي ليضعهم في خزنةِ الغرفة : أنتبهي لها يا ضي
ضي : إن شاء الله
أغلق الخزنة لتتقدم له ضي وهي تلفُّ حول رقبته وشاحًا قطنيًا يقيه من برد باريس هذه اللحظات : توصل بالسلامة
قبَّل جبينها ليهمس : الله يسلمك ... ديري بالك على نفسك وعلى البنات
ضي : لآ توصي حريص ... المهم أنت أنتبه على نفسك وأتصل عليّ بس توصل وطمّني
عبدالرحمن أكتفى بإبتسامة تُطمئنها، طوال عُمره كان ينشرُ الإبتسامات في أوجِ المشاكل فقط ليُشعر من حوله بأن الأمور جيِّدة وهذه العادة نتوارثها جميعًا بدايةً من عبدالله اليوسف حتى سلطان بن بدر.
،
يُقطِّع أظافره بأسنانه أمام تذمر والده وهو يُرتب أوراقه : نكبنا الله ينكبه ... الحين كيف نوصله!
فارس الذي يعرف جيدًا ما يحدث الآن والصراعات التي في الرياض، أردف : يبه سمعت وش صاير بالرياض!
رائد بعدم إهتمام : وش فيها بعد
فارس : أدخل مواقع جرايدنا الإلكترونية شوف الأخبار العاجلة
رائد رفع عينه : تكلم وش صاير!
فارس : مكتوب بالخط الاحمر العريض مجهول يطلق النار على سلطان بن بدر أمام بيته
رائد يعقد حاجبيْه : أمام بيته! مستحيل الحيّ كله أمن
فارس : وش دعوى مستحيل! مو انت قدرت عليه
رائد أبتسم بسخرية : لكل قاعدة شواذ .. لكن مين اللي متعرض له مو كاتبين شي ثاني
فارس : لأ
رائد : غريبة! ليه كاتبينها في الجرايد .. أكثر شخص يحاول يبعد الصحافة عن هالمواضيع هو سلطان
فارس : مو كتبوا قبل .. محاولة إختطاف أسرة سعودية في باريس .. ماقالوا أنه الأسرة إسمها عبدالرحمن بن خالد آل متعب .. يعني حتى الصحافة بعد تعرف كيف تبعد نفسها عن المساءلات
رائد : ما تلاحظ انك مستفز ؟
فارس أبتسم : طالع عليك
رائد : أنا الحين عقلي في شي ثاني ...
صمت قليلاً حتى أردف : يعني سلطان الحين ماهو مقابل شغله!! ... أيش هالصدف الحلوة هههههه
فارس : تلقاه بين الحياة والموت وأنت يا يبه تضحك .. عاد ماهو لهدرجة
رائد : أنا ماأضحك عليه شخصيًا هو كيفه يموت يعيش يمرض يصير فيه اللي يصير لكن أني أضبط أشغالي على روقان بدون مراقبة من احد ... بس الكلب صالح ماهو هنا ولا كان أستغليت هالفرصة
فارس : وش الشغل اللي بينك وبين صالح

يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات