بارت من

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -113

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي - غرام

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -113

سجني وسجّاني .. قيدي وقضباني
أححيت أشجاني ، والشوق يكويني !
لا آعرف الدربَ ، لا آشتهي الحبَّ
لم ابتدئ حربا ، و رضاك يكفيني !
عزباء مغتصبة ، في بيتي مغتربة
بالله معتصمة ، والله يحميني !
مأساتنا زادت ، وحقيقتي بانت
والروح لو فاضت ، فالموت يرويني !
أوما رأيت أساي ، في الليل طول بكاي
والخوف من ظلي ، والطيف يبكيني !
بالله لاتقسى ، والعطف لاتنسى
وعلي لا تأسى ، فالله يحميني !
شاعرتنا : ترف :$() تقُول أنها كاتبته على لسان الجُوهرة وسلطان :"$
السَلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، عساكم بخير وصحة وسعادة ()
رواية : لمحت في شفتيْها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية ، بقلم : طِيشْ !
الجُزء ( 51 )
رتِيل تنهَّدت من برودة الأجواء ، لتُدخل يديْها في معطفها وتسيرُ بجانب الفندق و عينها أمتدَّت للعمارة التي في نهاية الشارع ، " أكيد إلى الآن ما سكنت عنده !! " . . . أكملت سيرها مُتجاهلة تفكيرها ، مايهمني!
هو وحده من سيأتِيني ، وحده من سيتنازل في هذه الحرب! لستُ أنا والله من أقبل أن أأتيه! سأُجعلك تعلم أنَّ إهتمامي بك في أولِ مرةٍ سقطت بها في المستشفى كان إهتمامًا عابرًا وستُدرك جيدًا أنك لا تهمُني حين تسقط في المرةِ الثانية. دخلت السُوبرماركت القريبة وهي تفتحُ هاتفها وتكتبُ رسالةٍ لوالدها بعد أن شعرت بتأنيب الضمير " يبه أنا رحت السوبرماركت اللي تحتنا وماراح أتأخر بس دقايق وأرجع "
أقتربت من البائع العجُوز لتطلب منه بطاقة شحن لهاتفها ، أنتظرته بدقائِقٍ باردة ترتجفُ بها وهو يُخرج العلبْ ويبحث بطريقةٍ مملة.
على بُعدِ خطوات كان يسير على الرصيف مُتجهًا لشقته ، مرَّ من عندِ السوبرماركت و تعدَّاها بهدُوء ليقف وكأنهُ رأى شيئًا غريبًا ، عاد بُضعِ خطوات للخلفْ وتجمَّدت عيناه عليْها.
رتيل بالإنكليزية : أيوجد أم لأ ؟
العجُوز : I don't speak english
رتيل فتحت هاتفها على تطبيق الترجمة لتكتب له بالإنكليزية ومن ثُم تحوِّله له للفرنسية ، مدَّت هاتفها أمامه
العجُوز يقرأ بضعف نظر ، هز رأسه بالإيجاب و أشار لها بإصبعيْه أن تنتظر قليلاً
رتيل تنهَّدت لتخرجُ انفاسها البيضاء و تتلاشَى بأجواءِ باريس المُزدحمة بزخَّاتِ المطر ،
من خلفها يهمس : ما أشتقتِ ؟
ألتفتت برُعب لتأخذ شهيقًا ولم يُدركها الزفير ، تصنَّمت لتستوعب مُتأخرًا ، شتت أنظارها وهي تأخذ البطاقة من العجُوز وتخرج من جيبها المبلغ المطلُوب ، حاولت أن تخرج من الباب المُتهالِك و يتقاطرُ منه بقايا المطر المُتجمع فوقه ولكن وقف أمامها ، بعينٍ حادة ومازالت حاقدة : وش تبي ؟
عبدالعزيز بإبتسامة : طيب أسألي عنِّي و عن أخباري يمكن ماني بخير
رتيل : عساك بهالحال و أردى .. دفعته قليلا لتخرج مُتجهة للفندق بخطواتٍ سريعة لأنها أيقنت أن والدها عاد.
شدَّها من يدها : أبوك دايخ وراح ينام
رتيل رفعت حاجبها : طيب ؟
عبدالعزيز : خلينا نجلس شوي
رتيل ضحكت بسُخرية : انا الوقت اللي أحط فيه مناكير أثمن بكثير من الوقت اللي أقضيه معك
عبدالعزيز بإبتسامة تُسقط رتيل بضعفها : طيب عطينا من هالوقت دقايق
رتيل بحدة : لأ .. وأترك إيدي عشان مايدري أبوي وأخليه يتصرف معك
عبدالعزيز ترك يدها ليُدخل كفوفه بجيُوبه : شوي يالمغرورة من وقتك
رتيل : لأ ... وأعطته ظهرها ليقف أمامها مُجددًا وبنبرة جادة : رتيل بس شوي
رتيل : هالشوي خذها من وقت حبيبتك
عبدالعزيز بعبط : وهذا أنا بآخذها
رتيل بلعت ريقها لتُردف : روح لأثيرك ... وتجاهلته تمامًا مُقتربة من الفندق
عبدالعزيز سحبها مرةً أخرى من معصمها ، رتيل بمحاولة تهديد أخرجت هاتفها : بتصل على أبوي وأقوله
عبدالعزيز : قلت لك نايم .. بس عطيني شوي من وقتك ودي أقولك موضوع مهم
رتيل : ما بيننا مواضيع مهمة !!
عبدالعزيز : إلا بيننا
رتيل بحدة : أيوا صح نسيت مافيه أحد تمارس رجولتك عليه الا أنا
عبدالعزيز عقد حاجبيْه ، تنهَّد : طيب يا رتيل تكلمي وأشبعي بكلامك
رتيل بشماتة : أشبع ليه مااشبع !!
عبدالعزيز عض شفته والغضب بدأ يجري في تعرجات جبينه : تتشمتين فيني ؟
رتيل بإبتسامة : وبكل فخر
في وقتٍ آخر نزلت من السلالِم لتكتب رسالةٍ نصية لـه " جيت الشقة بس ما لقيتك ومقدر أتأخر اليوم ، المهم حبيبِي كلمني ضروري بس تفضى "
سَارت بخطِ العودة ، مارةً من الدكاكين الصغيرة المُنتشِرة على هذا الشارعْ الممزوج بين الهدُوء ليلاً وصخبًا نهارًا ، أحاطت رقبتها بالـ " سكارف " بعد أن أشتَّد عليْها البرد. كانت أعينها تتأمل الطريق وأفكارها مُنحصِرة في زاويـة عبدالعزيز! كيف تُقنعه ببعضِ وجهات نظرها الغير قابلة للتغيير. تعرف جيدًا يا عبدالعزيز أني أُحبك منذُ سنوات ولأجلِك أستغني عن الكثير ولكن حُبك لايجعلني أتنازل عن قناعتنِي ، الحُب لايعني أن أسيرُ خلف كظلِك بكل أراءِك ، أنا لي شخصية مُختلفة و قناعات مُختلفة و الحُب يتوهَّج بالإختلاف وليس بالتشابه يا عزيزِ. ليتك تفهم ذلك و . . . تجمَّدت عيناها وهي تراه بمُقابل فتاة لاتتضح ملامِحها من بعيِد.
عبدالعزيز : ماهو ذنبِي إذا أبوك رفض يعلمك ! تذكري هالشي دايم
رتيل بسخرية : تكفى أرحمني يالمطيع! ما كأنك عصيته كثييير وكثيير وأنت عارف هالشي بتجي على هالزواج ! دوِّر لك عذر ثاني وأصلا ليه تدوِّر لك عذر مو أنا ماأهمك ! مو أنت قلت لي أنتِ مين ؟ وأنتِ شي زائد وماله أهمية !! خلاص وش لك فيني !!! أنا بعيش حياتي وأنت عيشها مالنا علاقة في بعض ! متى ماتبي طلِّق أو لا تطلق هذا شي راجع لك لأنك ماتزوجت وحدة راضية فيك فأكيد أمر طلاقها ما راح يرجعون فيه لها ... بالنهاية تصرف على راحتك بس حط في بالك أنك منت وصي علي ولا لك حق تكلمني بأي شي وبعتبرك إنسان غريب عليْ لأني ماوافقت على هالزواج ! بس الـ ..*كانت على وشك الشتيمة ولكن صمتت لتُردف بعدها* بس أثير فهذي زوجتك وحلالك وأنت حر فيها ! وأنا بنتظر طلاقِي بكل سعادة لأن فيه غيرك ينتظرني
عبدالعزيز بحدة : ومين إن شاء الله اللي ينتظرك ؟
رتيل وملامح الإنتصار تُضيئها لتبتسم : أسأل أبوي عن حاتم . . أنتبهت لأثير الواقفة من بعيد ، أطالت نظرها بها حتى تعرَّفت عليْها ، لا تُشبه الصورة كثيرًا ولكن هي تماما بل هذا شعرُها الأسود التي يتلاعبُ به هواء باريس.
عبدالعزيز ألتفت للمكان التي تنظرُ إليْه ، تعلقت عيناه في أثير ، كانت نظراته غريبة لأثير كانت نظرات تشتعلُ منها غيرة ، نظرات تُوحي عن العشق الذِي بينهُما. هذه تفسيراتْ قلبُ رتيل.
أقتربت أثير منه ليُلصقها عبدالعزيز به حين تشابك ذراع عبدالعزيز بذراع أثير : هذي رتيل اللي كلمتك عنها
أثير نظرت إليْها بنظرة من أقدامها حتى رأسها ، أبتسمت : أهلا
كلمتها عني ؟ لم تشعر بالغيرة حتى منِّي ؟ هذا يعني أنني فعلاً لاشيء بالنسبة لك. تبًا لك ولها وللعالم هذا بأكمله.
عبدالعزيز بإبتسامة : طبعًا أكيد تعرفينها .. أثير
رتيل ببرود ولا تُجامل : طيب ؟ أشبع فيها ...
أثير ضحكتْ لتُردف بدلع : إيه طبيعي يشبع فيني ... ماهو حبيبي وزوجي
عبدالعزيز بهدُوء يتأمل عينُ رتيل : ما يصير كذا! تعرفين بالذوق أكثر مني
رتيل ألجمته بحدةِ كلماتها : متعوَّدة أجامل ناس يهموني بس ناس ماتهمني ليه أجاملها !! أيه أشبعوا في بعض ما غرت عشان أخفف غيرتي وأمثِّل أني باردة وماتهمني ! أنت فعلا ماتهمني يا حبيبي وإذا بغار صدقني بتكون آخر شخص ممكن أغار عليه عندي غيرك كثييير ... تصبح على خير .... وأعطته ظهرها لتدخل للفندق.
أثير بتقرُف : عوبااااء !!
ترك ذراعها المُتشابك فيه ، عاقد حاجبيْه ومُلتزم الصمتْ تمامًا
أثير : طيب ماعلينا منها !! كنت أحسبك بشغلك مع أبوها ..
عبدالعزيز بهدُوء : رجعت قبل شوي
بثوانِي قليلة صعدتْ لغُرفتها ، تأكدت أن والدها فعلاً نام ولم يأتيهم. نزعت معطفِها وأبعدت حجابها ليسقط على الأرض ، حررت شعرها ذُو الإلتواءاتِ العنيفة لتمُر خصلة بُندقية على عينها الداكنة ، " وعدتُك ، أن لا أكونَ ضعيفاً... وكُنتْ. وأن لا أقولَ بعينيك شِعراً وقُلتْ.. وعدتُ بأَنْ لا ...وأَنْ لا. وأَنْ لا .. وحين اكتشفتُ غبائي.. ضَحِكْتْ. " وعدتُك يا عزيز بالكثير وأمامك جبنت. أخذت نفسًا عميقًا تلألأت بها عيناهُا بلؤلؤٍ شفاف. لن أبكِي! لن أبكي! لن أبكي! أرجُوكِ يا عيني لا تسخرين مني هكذا ، أرجوكِ لا تبكِين وتتشمتُ دمُوعي بيْ! أرجوكِ يا عيني.
سقطت دمُوع الغيرة التي فتت قلبُها عندما رأتها ،عندما تلامس ذراعُها بذراعه ، كأنها تمتلُكه. لِمَ أفترض ؟ هي فعلاً تمتلكُ قلبه، أصبحت زوجته والله يعلمُ ما تُخبي نفسهُ لها ، كان الجميع يعرفُ عن حُبهم ؟ لمْ يخجل من هذا الحُب! قالتها أخته في ذاك المشهد الذي رأيتهُ مع عبير ، قالتها بكُل وضوح " أنت لأثير " حتى وإن بيَّنت الأخت الأخرى رفضها ولكن كان واضحًا جدًا أنَّ إسمك مرتبط بها منذُ زمن. أنا النزوة التي حضرت في المنتصف ، أنا المعصية التي قتلت نفسها ، أنا الكذبة التي أنكشفت قبل أبريل ، أنا كل الأشياء السيئة التي لن تنجذبُ لها عيناك يومًا.
حتى عيناك حينما رأيتها واقفة بعيدًا ، كانت غير! غير والله ، إلهي كيف يكُون صوتُ عيناك مؤذيًا هكذا ؟ كيف تكُون عيناك جارحة ؟ أنا لا أعرفُ كيف أتحمل رؤيتك مع غيري ! لستُ أعرف كيف أقوَى وأنا أرى القصائِدُ من عينيْك لها ، لستُ أعرف والله كيف " أحبك " تنطقها عيناك في وقتٍ لم أسمعها منك. أنت تُحبها وأنا ؟ " طيب وأنا ؟ " من كل هذه الحياة ألا أستحق أن أعانق كفِّك كما عانقتها ، ألا أستحق أن أُقبِّلك بكامل رضايْ ؟ ألا أستحق أن أُحبك بطريقةٍ مُهذبة كأيّ زوجيْن.
لِمَ تزوجتها ؟ أُريد أن أعرف كيف تزوجتها ؟ أنا من حقِي أن أبكي في داخلي ! أبكِي كثيرًا حتى يأتي الصباح مُثقلاً بشتيمتك! وعدٌ يا عبدالعزيز أن لا أصدقُ معك في شعُوري أبدًا. لستُ أوَّلِ العاشقين ، في مدينتي نصف العُشاق يفترقون. وأنت منهم أقصد أنا منهم لأنك لم تحبني يومًا كما تُحب " التافهة " تلك.
،
تنظرُ لعينيْ حصـة بضياع ، لم تتوقع ولو لحظة أنّ لسعاد قصة كهذه! لم تتوقع ولو قليلاً أن هذه حياته سابقًا ، كان كُل ما يدُور في بالها من تخمينات حول زوجته الاولى أنهُ يُحبها غير قادِر على طردِ ذكراها من حياته. كانت تخمينات ساذجة وأنا أشهدُ على ذلك الآن.
تُكمل بصوتٍ موجوع : كانت صديقة العنود مررة ، تصير بنت ولد خالِي ، يعني من بعيد .. بس سلطان مقدر يخليها في بيته كِذا لأن أكيد الناس بعد بتتكلم فتزوجها عشان يخليها قدام عيونه ،
الجُوهرة بهمس : قالت عايشة أنها كانت .. يعني ماهي في وعيْها دايم
حصة : أنهبلت الله يرحمها .. ربي رحمها وخذآ آمنته .. كانت بنتها عمرها سنة وزوجها حسبي عليه طلقها بس عرف أنها بنت .. تعرفين يالجوهرة التخلف اللي في هالرجال !! يتزوج ويطلق يبي الولد والله مارزقه وكانت آخر حريمه سعاد ... بس حصلت مشاكل في ذيك الفترة في شغل سلطان و تقاعدُوا ناس لهم مكانتهم في شغله .. كانت الفترة حيل متوترة ..
أردفت وهي تُخفض نظرها ودمعةٌ تقتل كل قلب أم : ماتت بنتها قدامها
الجوهرة أتسعت محاجرها والغصة تتراكم في حنجرتها ، أرتجفت أطرافها من فِكرة أن تمُوت إبنة أمام والدتها.
حصة : أنهارت وماعاد تفيد الأدوية .. في شهادة الوفاة كتبوا أنها سكتة قلبية
الجوهرة : كانت صورها مع سلطان كثيرة ... صمتت لتشعُر بخجلها من هذا السؤال .. آسفة مو قصدِي بس ... خلاص خلاص ولا يهمك
حصة أبتسمت : صدقيني ما كان بينهم شي ! حتى الصور هذِي قديمة .. يمكن في أول زواجهم لأن وقتها كانت إختبارات بنات بوسعود وكان عندهم شغل برا وقرر سلطان هو اللي يسافر بدال بوسعود .. وخذاها معه
الجُوهرة : الله يرحمها ويغفر لها
حصَة : آمين .. و العنود كانت منزعجة أنه سعاد ماهي مرتاحة حسب ماهي فاهمة وأنه مفروض سلطان يبعدها عنه لأن شغله حساس وسعاد ماهي بحالة تسمح أنها تتوتر أو تتضايق .. ولما ماتت بنتها لقتها حجة عشان تتمشكل مع سلطان ... يووه يالجوهرة خلينا من هالموضوع اللي يجيب الهم
،
يسيرُ و عيناه ترتكزُ أمام الفندق الذِي تسكنُه من سلبت عقله و قلبه وكله والله كله. أخذ نفسًا عميقًا تلاشت به ضبابية مؤقتة خرجت من فمِه المُثقل بقصائِد الشوق ، أنِي أُحبكِ بلا منطق ولا داعِي ، أُحبكِ هكذا لأنِي رجلاً أمامِك شعرتُ بحاجتي لأن أكتمل. أُحبك رغبةً بأن أبتسم ، أسعد ، أحيا. إنِي أُصلي من أجل أن يُصلحني الله لقلبك ، أنِي أدعُو الله بأن يحفظكِ ليحفظني ، إنَّ قلبي يا عبيرِ هُناك ! في يسارِك ، أنا والله لا أتزن دُونك ، انا لا أعرفُ عن عُمرِي شيئًا الذِي مضى دُونك ، أنتِ ميلادِي ، أرأيتِ مجنونًا يعشقُكِ من صُورة ! أرأيتِ مجنونًا مارس العشق دُون أن يعرف إسمك ؟ أريتِ مجنُونًا بقيَ أشهرًا يُفكِر بك كمجهولٍ سلب له عقله لا يُصبِّر جوعه سوى تلك الصور ، أرأيتِ مجنُونا مثلِي يُحبك و فعل المستحيل حتى يصِل إليك ؟ أرأيتِ مجنُونًا حتى في بُعدِك يحاول أن يحميك ، أنتِ حياتِي و عُمرِي منك إبتدأ.
جلس في المقهى المُقابل وهو يعرف بأنها نائمة ، هذا الأكيد. ليتكِ تلتفتين إليْ ، أُريد أن أتشرفُ بسلامِ عينيْكِ ! أُريد وبشدة أن تضحك عيناكِ ليْ. أنا والله العظيم أُحبك.
،
يمرُ يومْ و إثنان ، قلبٌ يتفرعُ منه حزنٌ وشك و صباحُ إسنطبُول طويل ولا يحملُ نسمةَ فرحٍ عابرة ، أهذا أيضًا طبيعي ؟ لِمَ عريس يكُن بهذا البؤس ؟ ماذا يشغلُ بالِك ويُشتت إنتباهك عنِّي ؟ أُريد أن أعرف كيف أخبرت والدتِك بأن تخطبني ؟ أم هو كعادة هذا المُجتمع الذِي يُلصقنا رغمًا عنا ليقُول " حبُّوا بعض " أم هي طريقة " أكشط وشف حظك " أكنت متخيلنِي بهيئة وأتيتُك بعكس خيالاتِك ؟ أأنا أقلُ جمالاً مما تُريد ؟ أم أنا لستُ جميلة بما يكفِي لك ؟ أُريد أن أعرف مالذِي لا يعجبك فيني ؟ إلهِي كيف أصبحت ثقتي في هيئتي هشَّة والبركةُ نظراتِك التي لا تحملُ ذرة إعجاب. لم أُحرِّك بك خلية منذُ ان أتينا!
نظرت له وهو يُغلق آخر أزارير قميصِه ، توقعته أن يُخبرها بأننا سنذهب سويًا لمكانٍ ما ولكن بمُجرد ما أن سمعت صوت الباب عرفتُ أنني غير مُرحَّب بها في حياتِه. أهتَّز هاتفها لتُجيب : ألو
هيفاء بصوتٍ شغُوف مشتاق : نسيتينا بهالسرعة يا كلبة ؟
ريم بضيق : وين أنساكم بس
،
دخَل بخطواتٍ خافتة لم تشعُر بها ، طلّ بعينه عليها لم يرى سوى ظهرها المُستلقي جانبًا على السرير وشعرُها الطويل مُتبعثرٌ حولها ، نظر لحركةِ أصابعها المتمللة على السرِير وأدرك بأنها مُستيقضة ، بصوتٍ هادىء : مُهرة . .
ألتفتت عليْه دُون أن تنطق حرفًا ، أردف : ليه ما قمتِي للحين ؟ .. تعبانة ؟
مُهرة : لأ .. مالي مزاج أقوم
يُوسف : كليتي شي ؟
مُهرة : ماني مشتهية
يُوسف بتنهيدة : طيب أكلي لك شي عشان صحتك !!
مُهرة بقهر : عشان صحتي ؟ ماهو عشان ولدك
يُوسف : أستغفر الله العظيم وأتوب إليه .. أنتِ ليه تدورين علي الخطأ عشان تمسكينه وتذلين أم أمي فيه
مُهرة أعطته ظهرها لتُردف : طيب خلاص لا تكلمني دام أنا أدوِّر عليك الغلط
يُوسف أتجه نحوها على الجانب الآخر من السرير بالقُرب منها : إلى متى يعني ؟ مشكلتك معي ولا مع اللي ببطنك ؟ دام معاي خلاص ماله داعي تهملين صحتك عشان تحسسيني بالذنب !!
مُهرة أبتسمت بسخرية : إيه صح أنا أهمل نفسي عشانك !! طبعًا لأ .. أنا أخاف على نفسي أكثر منك ولا محتاجة منك إهتمام
يُوسف عض شفتِه السُفلى : طيب .... وقف ... اهملي نفسك وسوِّي اللي تبينه بس والله يا مُهرة لو يصير في اللي ببطنك شي ماتلومين الا نفسك
مُهرة بغضب أستعدلت : على وش تهددني إن شاء الله !! تبي تمشي حياتي على كيفك ! إيه صح أنا نسيت أنه حياتي تمشي تحت رحمة مزاجك .. تجي تكلمني بمزاجك وتضحك بمزاجك ولما اكلمك ترد عليّ بحقارة تشبهك
يُوسف : نعععم يا روح أمك!! تبيني أوريك رسايلك المحترمة لزوجك .. حتى ذوق مافيه
مُهرة : وش فيها رسايلي ؟ طول ما كنت بحايل ما رسلت لك شي يضايق بس أنت ودِّك تمسك عليّ الزلَّة
يُوسف يخرج هاتفه ليفتح الواتس آب ويصعد لمُحادثتها .... قرَّبها من وجهها حيثُ أحاديث تقرأها لأولِ مرَّة
بدهشة صمتت لتُردف بخفُوت : ما كتبت هالحكي
يوسف بسخرية : الجني الأزرق كاتبه
مُهرة رفعت عينها وأفكار كثيرة تتصادم بها : والله ما كتبته
يوسف : أجل مين ؟ كيف أجل كلمتيني بعدها !!
مُهرة غاب عنها أن تنتبه بأن الرسالة مقروؤة : ما أنتبهت أنه الرسالة مفتوحة ..
يُوسف بشك : ماأنتبهتي !! مُهرة قولي حكي يدخل المخ
مُهرة وأتى في بالها " غالية " ، أخذت هاتفها لتتصل على والدتها
يُوسف بصمت ينظرُ لها ، ردَّت : هلا يمه
والدتها : هلابتس
مُهرة : يممه غالية في البيت ؟
والدتها : إيه وش تبين في ذا الهبلة ؟
مُهرة : عطيني إياها ضروري
والدتها : أول أعرف وش عندتس معها
مُهرة تُشتت أنظارها بعيدًا عن يُوسف وبصوتٍ يميلُ للخفوت : يمه موضوع صغير أبي أعرفه منها
والدتها بتنهيدة : طيب طيب. .. وخرجت من المطبخ مُتجهة للصالة .. غاليية
رفعت عينها : هلا
أم فهد : دوتس مهرة
غالية : وش تبي ؟
أم فهد تمدُ لها الهاتف دُون أن تُجيبها ، : ألو
مُهرة وقفت لتتجه بعيدًا عن يُوسف الذِي يُراقب كل خطوة وكل نظرة.
أردفت : لو أعزمكم ع الرياض تجون ؟
غالية بضحكة : وش عندك ؟
مُهرة : كِذا ودي أشوفك
غالية : ما ظنتي المدارس راح تبدأ وتعرفين خوالتس
مُهرة : خسارة!! عاد تدرين توّ أتناقش مع يوسف وقالي أعزميهم هنا
غالية بتوتر : يوسف هو اللي يبينا نجي ؟
مُهرة : إيه خصوصًا بعد مشكلتنا الأخيرة
غالية : أي مشكلة ؟
مُهرة : ما تدرين !! غريبة أنتِ حتى مشاكل النمل تعرفينها
غالية بضحكة مُرتبكة : وش دعوى عاد لا تبالغين يا حييّ
مُهرة : حتى قالي أنه في ناس من أهلي راضونا على بعض وقلت أكيد هذي غالية أعرفها تحبني وتحب لي الخير
يُوسف جلس مُندهش من الحوار الذِي لا يفهمُ أوله ولا آخره.
غالية بتوتر : ههههه وش فيك مهرة ؟ وش يدريني عن مشاكلكم عشان أراضيكم
مُهرة : والرسالة ؟
غالية بلعت ريقها لتصمت.
مُهرة بحدَّة : آخر شي ممكن أتوقع أنك تسوين هالحركة معي !!! والله يا غالية هالحكي راح أوصله لخالي وهو يتصرف معك .. أغلقته بوجهها ،
ألتفتت على يُوسف : كان مفروض تكلمني تستفسر ! يعني مستحيل كنت برسلك شي بهالوقاحة !! بس أصلا أنت ماتثق حتى فيني
يوسف رفع حاجبه : أخذي العقال بعد وأضربيني !!! تكلمي معي زي الناس ماني أصغر عيالك لا يجيك كف يخليك تعرفين تتأدبين معي... تروحين تتهاوشين مع حريم خوالك مدري بناتهم وتغلطين وبعدها تحطين اللوم عليّ .. والله عجيب أمرك .... وخرج ليتركها في كومة غضبها.
أتصلت بسُرعة على خالها وهي تشتعلُ حقدًا من إبنته المُستفزة ، خالها الأوسط الرحُوم أحيانًا وأحيانا كثيرة هو الشديد.
رد عليها لترتبك بعد صوته ولكن لن يردعها شيئًا بمثل ما فعلت ستُعاقب : السلام عليكم
،
فِي – كان – الفرنسـية ، بعضُ الأمطار تهطل بخفُوت على الأرض. جالِسة في محطة إنتظار الحافلات ، تنتظرُ سيارة الأجرة لا قوة لها بأن تسيرُ تحت هذه الأمطار. تُراقب بعينها الداكنة كيف السماءُ تتزاحمُ بغيمها ، كيف يتكهربُ السكر وينسابُ منه الشراب العذب ، سُبحان الله العظيم القادر الحي القيُوم ، سُبحانه ومن لهُ الملك سوَاه ؟ وهو الذِي يأمرُ السماء فتُسكِرنَا حلالًا بها. أنشدَّت أنظارُها حول صبـيةُ ناعمة ذات شعرٌ بني غامق تسيرُ رقصًا مع رجلٌ بجانبها وضحكاتهم تنتشرُ و المطرُ يُبلل لباسهم على الرُغم من أنها ترتدِي فُستان قصير بلا أكمام ولكن يبدُو أن الحُب يُدفئها ، أبتسمت لتُعيد عدّ القطراتِ على الأرض بمللٍ كبير رُغم إستمتاعها بالأمطار ، لم تجعل دعوة تفرُ منها أبدًا في وقت إستجابة كهذا ! أولُ من أتى في بالي " الجُوهرة " أنا أدرك أنَّها المظلومة الوحيدة بيننا كُلنا في عين ريَّان ، لا أعرفُ كيف مشاكل تمرُ لسنوات دُون أن تنتهي ، كيف مشاكل كهذه أن تُبعد أحدُنا عن الآخر ، كيف فتَرت علاقتها مع ريَّان و أيضًا تُركي ، كيف بعدت كل هذا البُعد ؟ منذُ أول مرةٍ قالت بها " لا " لـ وليد و ضحكت بمُزاح منى التي تكدَّست في هاتفها عشرات الرسائل المجهولة التي تركت في نفسِ ريَّان شك بأنها ليست بمجهولة ! بل هو عاشق و هي خائنة! يالله يا ريان كيف نطقتها بوجهنا جميعًا وأنت تصرخ بالجحيم و أنها خائنة. كيف صوَّبت سهامك على الجوهرة بأنها تعرف وصامتة لأنها تُفضِّل منى عليك ، كانت هذه أولُ شرارات حقدك على أختك .. أختك يا ريان لا أعرفُ كيف لهذه السنين أن تجري ومازلت بحقدك وكأنه ماحصل كان بالأمس. كل من تقدَّم لخطبتها كنت تُحلل فيه بحسب تفكيرك المريض أنها ترفضه لأن هُناك عاشقٌ آخر و أنَّ صمتها على منى لأن منى تعرف عن علاقات الجوهرة !! أتهمت أختك وهي الأكثرُ دينًا بيننا ، أنا لا أنزهها ولكن حفظت كتابُ الله ولسنوات وهي تحفظُ وتحلمُ بحفظه و تأتِي تُشكك في أخلاقها ؟ متى تعُود ريَّان أيامُ منى ؟ متى تعُود ريَّان الذِي نُحب ؟ الذِي يغرقنا بلطفه والذِي لا يخجل بأن يقُول لنا عن حُبه العظيم لزوجته ؟ متى تعُود ريَّان الذِي جلسنا في مرحلة من مراحل عُمرنا نُسمِّي أبنائنا ومن سيحملُ إسم الآخر. قُلتها والله أمامنا " أحب إسم الجوهرة عشان كِذا بيكون إسم أول بنت لي " مالذِي حصل الآن ؟ ليتَك يا ريَّان تحسنُ الظن بها و أيضًا بيْ! ليتك تعُود وما أشدُ حُزني عندما أقُول " ليتك تعُود " وأنت هُنا بالقُرب منَّا ولكن ماتت بك الأشياء التي أحببناها بِك.
رفعت عينها عندما نظرت للحذاء الأسود المُبلل : نواف !! .. آآ أقصد إستاذ نواف
نواف :وش مجلسك هنا ؟
أفنان : أنتظر تاكسي
نواف رفع حاجبه : شقتك قريبة
أفنان : ماأبغى أتبلل ويدخلني برد
نواف مد لها الأمبريلا السوداء : طيب خذيها وروحي لأن مايجون تكاسي هالمنطقة يجون من الشارع الثاني
أفنان بحرج : لآ ..
نواف بضحكة : لا تخافين بترجعينها ليْ بكرا
أفنان أشتدت حُمرة وجنتيْها ومعها أرنبة أنفُها بهذه الأجواء الباردة : لا جد والله يعني خلاص بمشي .. وقفت وأخذت حقيبتها
نواف بهدُوء : أفناان خذيها
أفنان بخجل أخذتها : شُكرًا
نواف : عفوًا .. وسار بجانبها حيثُ إتجاه شقته ،
أفنان أنفاسُها العميقة تُؤخذ بربكة ، إلى الآن ترنُ في ذاكرتها الكذبات الي أطلقتها تشعرُ بانها يومًا ستُفضح و حبلُ الكذب قصير ولحظتُها ستقتنع بأنها " إنسانة لا تساوي شيئًا " لا يكذب إلا الناقص.
يُتبع
،
في مكتبه الذِي ينحصرُ في زاويـة بيته ، وضع الهاتفُ الثابت على " السبيكر " ، ليُراجع بعض التفاصيل مع ذاك الصوت.
فتح الملف الآخر : إيه
: البند الثالث ، في حال أنسحب طرف مؤسس يتم بيع الأسهم دُون الرجوع إليْه تحت مُسمى الوكالة التي أُخذت منه.
سلطان : أيه هذا العقد السويسري .. بس أنتظر بدوِّر على نسخ العقد الثاني أنا متأكد أنه عندي نسخ منه
بدأ بالبحث في رفوفه و الدرُوج .. ملفات كثيرًا أنتشرت على مكتبه الذِي تعمُه الفوضى الآن بكل جهاتِه ، أخرج بعضُ الأوراق : هذي حقت صالح العيد !! .. شف لي ملف التهريب حق سبتمبر 2008
: إن شاء الله طال عُمرك ... قليلاً حتى أتاهُ الصوت مرةً أخرى ... اللي حقق معه عبدالله اليوسف .. بو منصور
سلطان : إيه داري .. أقرأ لي وش أقوال هشام ؟
: تم التمويل من قبل صالح العيد تحت إسمٍ مزوَّر بإسم صالح يعقوب ...
سلطان يُقاطعه : لحظة لحظة ... في وقتها كان رائد ماهو في الرياض صح ؟
الآخر يتفصحُ ملف عمليات رائد الجُوهي : إيه نعم كان في باريس
سلطان تنهَّد : رائد هو اللي كان المسؤول عن هالعملية بس وين الدليل ؟
: بحسب أقوال هشام انه اللي خلفها صالح العيد .. اللي طبعًا كان يحمل جواز مزوَّر قدر يعبر فيه الحدود .. مافيه أي أثر للجوهي بهالعملية
سلطان : تذكر لما راح عز له .. لقى ورقة صالح العيد عنده .. مستحيل مايكون وراها !! لازم نجيب أوراق من مكتبه تثبت تورطه في هالعملية

يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات