رواية وصية قلبت حياتي -18
أم طارق كلمت أم مؤيد بشأن هناء ومؤيد وأخبرتها أن هناء جدا مستاءة من موقف مؤيد ..
أم طارق : وأنتِ تعلمين يا أم إياد إنها ابنتنا الوحيدة ولا نرضى عليها أن تتكدر منذ البداية ..
أم إياد : نعم أعلم ذلك يا الغالية لا عليكِ سأحدثُ مؤيداً بهذا الأمر وسنجد لها حلاً المهم ألا تتكدروا
أم طارق :سلمتِ يا أم إياد والله لن أندم إن صارت ابنتي لكم فأنا أعرف معدنكم وأصلكم .. لكن أنت تعلمين أنها ابنتي ,, وان كان في نفس الفتى شئ حسمنا الأمر ..
أم إياد وقد بدت محرجة جدا منها خيراً إن شاء الله ..
وانتهت محادثتهما وبدأ غضب نورة يشتعل على ابنها الذي لا تعلم متى يعقل من جنونه هي كانت تعرف لماذا فعل ذلك مع خطيبته لأن باله مشغول مع ابنة خالته .. هتفت بغضب :
قتل الله الهوى وشره ..
لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..
أقبلت عليها اسمر وهي مستعدة للذهاب إلى خالتها سعاد .. خيراُ يا أمي مابك لم أنتي غاضبة هكذا ؟!!
وماذا غير مؤيد الذي سيصيبني حتماً بجلطه ..
سمر : أعوذ بالله من الجلطة وذكرها .. ماذا فعل هذا أيضا ؟
نورة : حادثتني زوجة عمك أم طارق.............)
نورة : حادثتني زوجة عمك أم طارق .............)
سمر : وافضحيتنا منه هداه الله ,, أنا لاحظت عليه ذلك ولا حظت أيضا شرود هناء يبدو أنها تجد عليه في قلبها مهما كان خطيبها ويجب أن يبادلها الشعور ..
نورة : وأين هو الآن ؟
سمر : لا أعلم لقد خرج منذ الصباح .. أمي أرجوك لا تكلميه الآن بشأن هناء هو لوحده مصدوم ومقهور لزواج رباب بالأمس دعيه أياما ريثما يهدأ ويتقبل الأمر ..
نورة : نعم الرأي يا سمر ..
سمر : هيا نريد أن نذهب فأنا مشتاااااااقة لرباب ..
نورة : مشتاقة لرباب أو للأخبار,,آآآآآه منكن يالفتيات لا تتركن فضولكن ..
سمر : أمي اعترفي الم تكوني كذلك حينما كنت شابه ..
نورة : ويحكِ من يسمعكِ يقول أنني عجوز شمطاء ..
سمر : لا أبداً من قال بل أنتي مازلتِ شابة في ريعان الشباب ..
نورة : تبا لك هيا اذهبي والبسي عباءتكِ سنذهب السائق على وشك الوصول ..
ألقت نظرة أخيرة على جلابيتها العنابية المطرزة بالخيوط الذهبية مع الوشاح الذهبي ..
تأملت الخيوط الدقيقة تحت عينيها وحول فمها وتذكرت قول سمر (حينما كنت شابه )
وزفرت بحزن ( العمر يمضي بسرعة وهذه الخطوط تنحت على خدونا نحتاً )
تذكرت قبل عشرون سنة من الآن حيث كانت في العشرون تختال بشبابها وصباها وحسنها
لم يكن عندها من الأبناء سوى إياد ومؤيد ..
كان يكرر أبو إياد على مسمعها ويٌقسمـ أيماناُ أنها ستبقى بنظره الزوجة الوحيدة في حياته ولن يجلب أخرى عليها وابتسمت بسخرية ( وبعد 18 سنة يتزوج عليها بأخرى صغيرة بحجة أنها سترجع له أيام شبابه .. وهي التي ضحت وقدمت الكثير والكثير .. لكن ما يسلي عنها هو أبنائها وفلذات أكبادها الذين عوضوها عن كل ما وجدته على الرغم من انشغال إياد بدراسته في الخارج الذي نادرا ما تراه لكنه عن قريب سيتخرج وستملأ عينها منه ومن أولاده ,,
وانصراف مؤيد ذهنيا بحبه الفاشل ..
استفاقت من ذكرى الماضي على صوت بوق سيارة السائق ..
مؤيد ...
لا يحتاج أن أخبركمـ بحاله وما صار إليه لكن الأمر وصل إلى أنه يستغرق في دراسته التي هي آخر سنة له كي ينسى ولا يدع مجالا للتفكير في حبه !
اسُتقبلت رباب وخالد استقبالاً رائعاً يليق بعروسين .. ف سعاد دمعت عيناها حين رأتهما مقبلين نحوها للسلام عليها .
احتضنت رباب بقوة كأنما منذ زمن بعيد لم تراها .. مما جعل خالد .. يتنحنح ..وينطق بصوته الحاد يا قوم نحن هنا أليس لنا من ترحيبكم نصيب ؟!!
سعاد : هههههه بلى ياولدي تفضل حياك الله ...
صافح يدها ثم قبل رسها ...وكانت بالمثل تقبل رأسه .. إكراما له .. وكانت رائحة العود الأصيل تفوح منه ..
كان ولأول مرة بالطبع ينظر إلى زوجة عمه من دون حجاب فقط تعجب حينما رآها لأنها تبدو صغيرة في السن ليس إلى ذاك العمر الذي توقعه .. ثم تذكر أنها تزوجت مبكرة وأنجبت رباب وهي صغيرة لم تتجاوز الخامسة عشر من العمر كما أخُِبر من قبل .
لذا من يرى سعاد ورباب يظنهما لأول وهلة صديقتين حميمتين وليس أم وابنتها !!
ثمـ كان في استقبالهما أختها محمد صافحته رباب واحتضنته .. وهي تهمس في إذنه لقد غدوت رجلاً يافعاً .. هههه ..
انتبهت على قرصه على كتفها فإذا بخالد ينظر لها بنظرة نارية .. تنطق غيرة ولوماً .
ضحكت في نفسها عليه .. أمعقول يغار من أخي ؟!
كل شئ جائز .. ربما ..
ضيفتهما سعاد في مجلس الضيوف .. وأخذت تصب لهما القهوة العربية مع الحلوى الفاخرة ..
أصرت رباب على أمها أن تقوم وتصب بدلاً منها وبعد إلحاح كبير رضخت لابنتها ..
كانت رباب في الجلسة تسترق النظر لأخيها محمد ( كم يبدو رجلا الآن لقد نضج عن ذي قبل وظهرت عليه معالم الرجوله .. )
أحرجها محمداً حين صرخ كعادته :
هييـه مابالكِ تتأمليني هكذاً ( وأخذ ينظر إلى نفسه ) هل طرأ على جسدي شئ دون أن أعلم )
احمر وجهها وقالت بتقطيب مازح
كنت أتأملك كيف غدوتَ رجلا ولكن يظهر لي أنك مهما كبر جسدك ستظل محمد الطفل ..
وضحك من في المجلس ..
ورد عليها : وستظلين رباب ذات اللسان الطووويل ,,
رمقت سعاد ابنها بنظرة سريعة وحارة يعني ( اصمت )
علقت وهي تحادث خالد الذي بدا مستمعا بما جرى بين الأخوين ..
لا عليك منذ أن خرجا إلى الدنيا وهما يتعاركان هههههههه
بعد قليل قدم البقية من الأهل .. فيصل وأخواته نورة وحنين ..
كان سلام فيصل لرباب حاراً حاراً وبالغ في ذلك مما أثار استغراب رباب وفرحها في نفس الوقت .. الأمر الذي أغاظ خالد بالطبع .. وشعر أن هذه الحركة مقصودة من فيصل ..لكنه لم يعره انتباهاُ .. فهو يعلم أن هذه الأشكال لا يجدي معها غير ذلك وتظاهر بالانشغال بمحموله ..
لاحظ الجميع توتر الأجواء بين خالد وفيصل .. المجهول سببه ..
بدءاً بالسلام البارد نهاية إلى الصمت بينهما والنظرات الحارقة ..
حاولت رباب أن تلطف الأجواء قليلاً بعد ارتفاع موجتها ..ولمـ تفلح كانت تشعر أن هذه النظرات { سيوفاً تقطع } فأضمرت في نفسها أن تعرف من خالد عن سر جفاء هذه العلاقة بينه وبين خالها ..
وفي الداخل كانت سمر تحترق قهراً .. وتزمجر
( أين هذه لماذا لم تأتي لتسلم علي ,, ألهذه الدرجة زوجها سلب عقلها )
استأذن فيصل من أخته وانصرف بحجة أن لديه أشغال سينهيها ثم يأتي .. تنفست رباب براحة حينما سمعت خالها يطلب الإذن .. فهي خشيت من تطورات ذلك وأن يصل إلى مالا تُحمد عقباه
في المجلس الداخلي كانت الأخوات يثرثرن كعادتهن عن العرس وعن فلانة وعلانه .. طبعاً سمر تشاركهم الحديث وهي متململة .. وبعد أن كانت متخذة وضعية الجلوس بالعامية ( رجل على رجل ) حتى فزت واقفة ..
سمر : أخيراً تشرفت المدام وتفضلت أن تسلم علينا ...
رباب : ههههه ومن يسمعك يقول مكثتُ ساعة من الزمان إن هي الا نصف ساعة ,,
سمر: ونصف ساعة بربكِ قليله كان من اللازم أن تسمعي أني أتيت تركضين شوقاُ لي ..أو أنساكِ خالد سمر واسم سمر ألهذه الدرجة شغفتِ به ..
رباب : وهي تقرص سمر مع يدها .. سمر ماهذا الكلام أعقلي يافتاة .. أولا يحق لي أن أشغف به أليس هو زوجي .. ؟!!
سمر: وبدأنا في حركاتكن يالمتنزوجات ..
رباب : ههههههههه أية حركات ياسمر .. للمرة الألف أكرر أعانك الله يازوجها ..
سمر : بل قولي ياسعد من يظفر بسمر .. أوووه تبدين أجمل من مما مضى .. تُرى مالسر في ذلك .!!
بعد ذلك كانت رباب قد انتهت من السلام على خالاتها .. طبعاً لم تسلم من التعليقات الحرجة التي استلمتها من سمر وحتى خالتها نورة ..
كانت جلسة رائعة ومميزة تعقبها جو الفرح والسعادة الذي كان طاغياً على الجو .. ومهيمناً على الكل ..
وبعد ذلك انصرفت رباب من عند أمها ..
وفي السيارة ..
خالد: كيف كانت الجلسة اليوم ؟
رباب : { وتبدو نبرة الفرحة ظاهرة على لسانها } جداً رائعة استمتعت كثيراً ..
خالد : ( مازحاً )بالتأكيد لأنني كنت موجوداً
رباب : ههههه بالطبع ..
بعد صمت قصير ..
رباب : تعجبت منك حينما خرجت لأنني توقعت أن تجلس أكثر ..
خالد : حقيقة كنت أريد أن أفسح المجال لكن لتأخذوا راحتكن ...
رباب : اهااا أشكر لك ذلك .. لكن صدقني .. ما كان ذلك ليؤثر علينا ..
خالد: اعترفي هل تشتاقين إلي ؟!
رباب : بابتسامة حياء .. هو ليس شوقاً كما تعتقد .. ولكني أردت أن أبين لك الوضع .. حتى لا تشعر بالحرج مرة أخرى فأنت في بيتكَ الثاني ..
خالد : هههههههه حقاً .. أشكر لكِ ذلك ..
الجفاء الذي بين فيصل وخالد أقلقها وأقض مضجعها كانت على وشك أن تسأله ماسر ذلك .. لكنها تداركت الأمر ( مبكراً جداً أن أساله .. )
كانت العلاقة بين رباب وخالد في البداية علاقة يسودها الاحترام والتقدير ويمكن أن يصحبها المجاملة بالطبع كأي علاقة عريسين جدد ولمـ يكتنفها بعد ذلك الحب القوي لكن نستطيع أن نقول أنها بداية لذلك .. على الرغمـ من المشاعر الجميلة التي يحملها كل منهما للآخر ..
فضلا أن يسافرا لشهر العسل بعد أسبوع من الزفاف على أقل تقدير .. وذلك لانشغال خالد بوظيفته الجديدة لأن هناك أموراً بسيطة لمـ ينهيها ..
في رابع يومٍ لهما بعد الزفاف .. .. الساعة 6 مساءً ..
دخل خالد على رباب في حجرة النوم في الجناح ورآها مستغرقة في ترتيب أغراضهما ووضعها في الحقائب فاليوم سيذهبون إلى منزلهما .. كان واقف على الباب ينظر إليها وهي لم تشعر به ,, شعر بمشاعر تغزوه في قلبه .. شوق .. حب .. لا يدري ما الضبط .. لكنها بالتأكيد مشاعر مبشرة ,, وكم يأسره شعرها الذي يصل لآخر ظهرها بتقاطيعها الهادئة التي توحي بالراحة لمن ينظر اليها .. تواردت على خاطره سحر .. شعر بالضيق والاستياء .. وأخذ يقارن بينهما .. سحر ملامحها جميلة طاغية بحيث تشعر من يراها بالروع والدهشة ,, لكنها أبداً ليست بملامح رباب الهادئة .. بل تخفى خلفها الغموض الذي كان أحياناً يشكل له قلقاُ ,,
انتبهت له رباب .. وهو سارح يتأملها .. فضحكت في داخلها ..
رباب : ها أستاذ خالد ألم تنتهي من تأملاتك بعد ؟!
خالد : ها .. ابتسم .. وهل حرام أن أتأمل الملاك الذي أمامي ؟!
رباب : ( ابتسمت حياء وفرحاً ) لا بالطبع تأمل حتى الغد .. ولكن لا تحرقني بنظراتكَ ..
(اقترب منها وأخذت أنفاسها تعلو وتهبط وشعرت بالجو خانق .. أخذ يعبث بشعرها ويشمه )
اممم هل انتهيت من جمع الأغراض ..
رباب : ( بصوتِ أقرب منه للهمس ) نعم .. انتهيت ..
خالد : إذن هيا .. البسي عباءتكِ ....
شعرت بالارتياح حينما ابتعد عنها .. هي لا تعلم لماذا مازالت تشعر بالحياء منه .. لكن لن تُلام لأنها مازالت عروس ,, { والعروس يُزينها الحياء }..
في بيت نورة كان حوارا حادا يجري بين مؤيد وأمه ,, وقد وبخته جدا إلى الحد الذي أثار أعصابه .
مؤيد : وماذنبي أن كنتِ خطبتِ لي فتاة مدللــه لا تتحمل المسؤولية .. أمن أول خلاف أخذت تشتكي لأمها .. هذه لا تصلح أبدا ..
نورة : ألان لا تصلح أبدا ,, بالتأكيد لأن عقلك ليس معك .. يابني أحذرك من أن تخسر خطيبتك صدقني أنها إنسانة رائعة .. لو لا انك لم تعطها الفرصة .. واسمعني جيدا لو تكرر هذا الموقف فسأغضب عليك ..
مؤيد : أمي أرجوك أريد أن أفسخ العقد أشعر أني لن أتحملها وسأظلمها ..
نورة : مــــــــــــــــــــاذا مــــــــاذا .. تفسخ العقد إذن .. اسمعني هي كلمة واحدة لا تجعلني أغضب عليك .. وأنت تعرفني جيدا ...
الفتاة ستعتاد عليها جرب صدقني أنها خيرا من كل الفتيات ..
مؤيد (وكأنه فهم ما ترمي اليه الا من هي ببالي ليست خيرا منها )
حسنا .. إذن سأحاول وان فشلت صدقيني سأتركها ..
نورة : وهي تهز رأسها بأسف .. لا تتغير أبدا .. اذهب واعتذر إليها وحبذا لو جلبت لها هدية معك تطيب خاطرها المكسور ..
مؤيد : ( باستسلام ) حسنا فقط هذا ما تريدين ؟!!
كان مغتاظ من هناء أنها أخبرت بما جرى بينهما كان يظنها أنها أعقل من هكذا ... لكن لأجل أمه التي يبر بها جدا .. سيضغط على نفسه .. ومن يدري ربما قد يتغير الحاااال .. ويلين نحوها
هكذا كان يهمس لنفسه ,,
توجه للسوق لشراء هدية لـ خطيبته المغضبة ..
بينما كانا يسيران جنبا إلى جنب وهما خارجان من الفندق .. أتى خالدا اتصال من منزله .. يخبرونه أن لطيفه .. قد فقدت وعيها ..
جن جنونه وكاد يفقد عقله .. الآن علم لماذا شعر بانقباض في قلبه اليوم .. أخذ يسوق سيارته كالمجنون بأقصى سرعه لكي ينقذها .. فهو يشعر بالخوف من الفقد مرة أخرى .. هذا الشعور الذي يداهمه منذ فترة قصيرة ..
شبح الفقد يخيم عليه ويهيمن على مشاعره ..
الجزء ( 17 )
الفصل الأول
كنت طوال الطريق واضعه يدي على قلبي لأنني أخشى حقا من أي يجري لخالتي لطيفه أمر ما فأنا أعلم جيدا هي ماذا تمثل لخالد إنها بمثابة أمه بل وأبيه .. وان حدث لها مكروها أجزم أن الأمر سيؤثر عليه تماما .. وصلنا إلى البيت بوقت قياسي جدا .. أخذ خالد يركض كالمجنون إلى
الداخل .. وأنا أتبعه وقلبي يخفق .. رباه أستر ..
حادث خالد الإسعاف فور علمه بالخبر وأعطاهم وصفا لمكان المنزل ..
دخلنا إلى الصالة الداخلية وجدناها ممدة على المقعد ( الكنب ) وكانت غائبة عن الوعي .. ووجهها متغير لونه مما دعب الرعب في قلوبنا ..
في ذات الوقت نفسه سمعنا سيارة الإسعاف تقدموا الرجال وحملوها بينما خالد ينظر لهم بذهول .. وأصررت على خالد أن أذهب معه ركبنا معها في سيارة الإسعاف ..
كنت أقرأ عليها آيات القران الكريم وبعضا مما استحضر في ذهني من أدعية الشفاء المختلطة بدموعي ونحيبي ..
اسـأل الله رب العرش العظيم أن يشفيك أخذت أرددها ربما أكثر من سبع مرات ..
وبعد انتظار وترقب ودعوات متوسلات أخبرنا الطبيب ..
أنها جلطة والحمد الله تجاوزت مرحلة الخطر ولو تأخرنا عنها قليلا لربما كانت هناك مضاعفات خطيرة .
وهناك خالد يحادث الطبيب وقد استحال وجهه إلى اللون الأسود بفعل فزعه ...
كنت جالسة على مقربة منهما .. خالد والطبيب .. استرق السمع لما يدور بينهما ..
الطبيب : هي عدت المرحلة الخطرة لكن يجب أن تحرصوا عليها في المرات القادمة .. هل أنت ابنها ؟؟
خالد : نعم أنا ابنها .. دكتور هل بإمكاني أن أراها الآن ؟؟
الطبيب : لا بالطبع .. لا يمكنك .. هي محتاجة للراحة يبدو أنها بذلت مجهودا كبيرا .. مما تسبب في ذلك ..
خالد : ( وقد أحس باللوم والتأنيب ) ربما يا دكتور ..
لمـ تجد محاولات خالد مع الدكتور أن يمكث أحدنا عند خالتي لطيفه ,, فانصرفنا إلى منزلنا وكل منا يحمل ثقلا في قلبه ..
دخلت إلى بيتي ومملكتي وقد شعرت بالوحشة والضيق أخذت أتأمله بكل مافيه أركانه وجدرانه لم أكن كعروس فرحة بمملكتها الجديدة ..
تمنيت من كل قلبي أن ترجع لنا سالمة من كل شر فتعود بهجة هذا البيت ... فلا أتخيله من دونها فخالد بالطبع يكن لها محبة كثيرة ...
بعد ما وصلنا إلى البيت ذهب خالد ولم أدري إلى أين فقد كان الضيق يبدو واضحا عليه .. فلم اسأله ...
حقيقة تمنيت انه الآن كان موجودا كي أخفف عنه وأشاركه همه لكنه يبدو أنه آثر أن ينفرد وحده فاحترمت هذه الرغبة التي شعرت بها من ملامحه ..
.
.
السماء ساكنه هادئة إلا من هواء لطيف يميل إلى البرودة .. وأصوات الدبابات من حوله تملأ المكان بالضجيج وصراخ الأطفال ولعبهم يجعله يلتفت إليهم بلا شعور ..
أخذ يستعرض ذكرياته وبدا له الشريط يمر بسرعة كسرعة الريح ..بداء بطفولته التي كانت له ( لطيفة ) مثل أمه تهتم بأمره وترعى شئونه وقد أغدقت عليه بفيض حنانها بلا حساب ..ثم مرحلة انتقاله من الطفولة إلى المراهقة وكانت تلك المرحلة ذات أثر واضح عليه فكم آذاها بشغبه وعناده إذ كان يريد أن يثبت أنه رجل ليس لأحد كلمة عليه وتذكر تسترها عليه حينما يكون خالدا في الخارج فيسألها والده عنه فتجيب بأنه نائمـ ,,
كانت تحبه بصدق ربما لأنها حُرمت نعمة الإنجاب فقد أثبت الطب أنها عقيمـ استحالة أن تنجب فطلقها زوجها إثر ذلك فأعوزتها الحاجة إلى أن تكون حاضنة لخالد .. وقد أدت دور الأمومة عليه كاملا غير أنها لم تلده .. فكانت عليه أحنى من الأمهات ..
ثم تذكر دموعها حينما أخبرها برغبته في السفر والدراسة في الخارج رغم فرحتها له إلا أن دموعها غالبتها فلم تكن تتخيل خالد الطفل الذي لطالما احتضنته بين ذراعيها قد غدا شابا يافعا مستقلا بنفسه عنها ..
وخفق وجدانه وسرى إليه حنين خفيف فمنظر سحر حينما تعرف إليها لأول مرة لايفا رقه ..
وتتابعت كثير من الصور بعد ذلك في باله حتى أتى ذلك اليوم حينما أخبرته عن والده وهو لم يفرح بعد بشهادته وتخرجه ..
تذكر انه لذهوله قد صرخ عليها كثيرا في تلك اللحظة أنكر ذلك ثم لا مها على كتمانها الخبر عنها واهتزاز جسدها النحيل من البكاء ..
لم يهن عليها موقف خالد فقد كان مؤلما مؤلما .. صدمته لا تعادلها صدمه فقد كان وقتها مثل الطفل في بكاءه وفزعه ..
وزفر عند هذا الموقف وسالت دمعه حارة ثم أعقبتها دمعات .. فقد آن له أن يفرغ مخزون الدموع المتجمعة والأحزان المتراكمة في قلبه ..
آن له أن يخرجها فقد ناء صدره بحملها ..
أيام وليالي وهو يتظاهر بالقوة وفي داخله براكين متأججة ..من بعد موت والده وحين فقد سحر والآن حين سقوط لطيفه ..
تذكر رباب وعذوبتها وتراءت له صورتها وهي قلقة فزعه فشعر بالحنين إليها والشوق الملح فسارت خطواته طريق بيته بعد أن شعر أنه هدأ تماما وبعث الأمل في نفسه من جديد
الأمل الذي أشرق فجأة في قلبه فلمعت عيناه بوميض خاطف ثمـ اتبعها بابتسامة مشرقه
يجدد بها أمله وعزمه الذي عهد على نفسه أن يحيي الأمل في قلبه كلما ادلهمت به الخطوب .
فكر أن يأخذ في طريقه عشاء من الذي تحبه رباب ففكر في الأنواع التي تحبها وبشدة من أصناف الطعام فتذكر أنها تحب المأكولات الشامية وعلى رأسها ورق العنب فأحضرها لها ..
سار مؤيد إلى هناء وهو مغتاظ في داخله من هذا الموقف الذي وضع فيه فكأنما يسير إلى حتفه هتف بينه وبين نفسه بحنق ( وما الذي جعلني أفكر أصلا بالزواج )
احتار ماذا يحضر لها ففكر وفكر ولم يأتي بنتيجة ثم تذكر مقطع رآآآه في التلفاز في مسلسل ما
ذاك الذي أحضر لخطيبته جوري أحمر وامتعضت ملامحه على ماطرأ في باله أجلب لها جوري ههههه في الأحلام ...
ثم كلم والدته مستفسرا ماذا يجلب لهناء ؟؟
ضحكت والدته عليه ..في نفسها وأشارت عليه أن يحضر طقما ناعما من السلسال والقرط وحبذا لو كان معه عطرا فهذا أفضل .
انتقى لها طقما غاية في الذوق والروعة من السلسال مع عطر فواح وخلاب ..
طرق باب منزلهم ففتح له عمه الباب .. فاستضافه ورحب به ( وشعر بالحرج في داخله كيف يوضح لعمه أنه يريد أن يرى هناء شعر بمأزق كبير .. مازال جديدا على هذه المواقف التي تتابعت عليه .
وقد أخرجه عمه من مأزقه حينما سأله أتريد أن ترى هناء ؟؟
مؤيد : نعم ياعمي أتمنى ذلك فأنا أريدها في حديث قصير ..
عمه أبو طارق : حسنا ولكن لا تطيل المكوث ..
مؤيد : قال ساخرا في نفسه ( ومن حبى لابنتك المصونة حتى أطيل المكث ) بالتأكيد ياعماه فأنا أصلا مشغول بعد نصف ساعة ..
بعد قليل قدمت هناء التي لم تكن تريد أن تأتي إلا بعدما أصرت عليها والدتها فقد اتفقتا هي ونورة أن تكون بينهما جلسة حتى يتصافيا ولولا أن أم طارق كلمت أبو طارق وأقنعته بعد جهد جهيد أن يسمح له برؤيتها والجلوس معها وإلا لما كان وافق من البداية فأبو طارق شأنه شأن أغلب الآباء في ( المجتمعات الخليجية على الأخص )الذين تربوا واعتادوا على أن لا رؤية للفتاة والجلوس معها من خاطبها العاقد عليها إلا بعد إعلان الزواج..
قدمت عليه وفي داخلها مشاعر متضاربة حياء وغضب وقليل من فرح أنه فكر أن يأتيها ويزورها هذا يعني أنها قد تعني له شيئا ..
كان جالس مطرق رأسه إلى الأرض مستغرق في دوامات أفكاره
وقفت هناء عند مدخل المجلس بكل حرج حينما رأته وتتابعت نبضاتها تخفق بشدة وأحست بحزن طفيف عليه يبدو أن هناك أمور أخرى تشغله ( رباه لم ينتبه لي )
طرقت باب الحجرة طرقتين خفيفتين عل الرغم من انه مفتوح وذلك لكي يلتفت لها ..
ابتسمت ابتسامة مشوبة بغضب خفيف .. بصوتها المبحوح
- السلام عليكم ..
مؤيد : (اكتفى بمصافحتها ) وعليكم السلام ...
كانت الدهشة تعلوه أهذه ابنة عمه التي خطبها فهو لم يلحظها مثل اليوم فقد كانت تبدو في عينيه ملامحها بريئة وطفوليه ورقيقة ..
بعد أن اتخذت وضعها في الجلوس .. أخذت تعبث بخاتمها فتارة تنزعه وأخرى ترتديه ..
مؤيد : كيف أنتِ ياهناء ؟؟
هناء : بخير
مؤيد : امممم شعر بأنه لا يعلم ماذا سيقول وكيف يبدأ في الحديث ..امممم أنا آسف على مابدر مني لقد كنت مغضب وقتها وأنت زدتيني غضبا ..
هناء : بابتسامة باهته بعد أن تلاقت أبصارهما لدقائق .. مافائدة أن تتأسف وتعتذر وقد جرحت قلبي ..
مؤيد : أي جرح تقصدين ياهناء ؟؟؟
هناء : مؤسف انك لا تعرف ما الذي بالضبط جرحني ..
مؤيد : وقد بدا محتارا فعلا بشكل يشفق ..
وما الذي جرحك بالضبط ؟؟
هناء : ( لا تدري لم شعرت بأنه صادق في كلامه ويبدو عليه الحيرة )
للأسف توقعاتي فيك خابت وآمالي هوت كنت أراك غير عن كل الشباب لكنك مثلهم لست تبعد عنهم ..
مؤيد : مهما يكن فأنت استفززتنني بالكلام أنا لست بالسوء الذي تتصورين لكنني ماأمر به قاس إلى درجة أني أفقد أعصابي في أغلب الأوقات ..
هناء : وحتى على خطيبتك ..وابنة عمك ..تفقد أعصابك .. سؤال لطالما تبادر إلى ذهني ماذا أعني لك ؟؟
مؤيد : ( فكر في نفسه حقا ماذا تعني لي .. للأسف ولا شئ .. لاشئ مطلقا )
نظر إليها بنظرة متفحصة ثمـ ابتسمـ أنت خطيبتي وزوجتي القادمة ..
هناء : أرخت عينيها في حياء .. وشعرت بالحرج يجري في دمها .. لا تدري لما..
أنا أعي جيدا أني خطيبتك وزوجتك وهذا لا تعليق عليه لكن قصدت ماذا اعني لك بمشاعرك نحوي ؟؟
مؤيد : ( شعر با الشفقة عليها أحس أنها تحبه بوله وقد اتضح من عيناها )
ابتسمـ بصدق هذه المرة تعنين لي الكثير ..ثمـ ابتسم بخبث وأنا ماذا أعني لك ؟؟
هناء : ( نظرت فيه نظرة خاطفه ثم أجابت بذكاء ) بقدر ماتكن لي أكن لك ..
مؤيد : قهقه بشدة .. لا يدري لم .. ربما هو انه شعر أنها أحست بمشاعره نحوها أو بتفاجأه من ردها .. لا يدري ما الضبط .....
تظاهر بالانشغال بما جلبه معه من هدية لها .. ثم هتف ..
على كل أعتذر لك عما بدر مني في ذلك اليوم وهذه هدية بسيطة أقدمها لك .. أرجو أن تنال إعجابك ..
هناء : شكرا .. يا دكتور مؤيد لقد كلفت على نفسك جدا.. صدقني أنا لا تهمني هذه الأشياء بقدر ماتهمني المشاعر أن أشعر بأنك من كل قلبك تهواني .. لا أن تأتي بهذه .. لكن سأقبلها منك لأنها منك أنت ..
مؤيد : وقد شعر بالتعجب من جرائتها وقوة ثقتها بنفسها فقد أعجبه ذلك حقا ..
نظر فيها برجاء
هناء أتمنى أن تساعديني وأن تصبري علي فأنا محتاج لوقوفك معي ..
هناء : هزتها كلماته شعرت أنه حقا يعاني { ولو كانت تعلم أن سبب عناءه حب أخرى هل ياتُرى ستسامحه }
وأنت أرجو أن تتقبل وجودي في حياتك ثم بعدها أستطيع مساعدتك ....
كانت كلماتها تلك كالسهام اخترقته إذا لم يجب عليها بل استأذن منصرفاً ..
فهو يشعر فعلاً انه لم يتقبلها فكيف ستساعده .. ( ما ذنب هذه المسكينة حتى تجد الجفاء والصدود مني )
سأحاول مرة واثنان وثلاث حتى أشعر بميل إليها ...
فهي حاضري وغدي ..
هناء بعد انصراف مؤيد اتجهت إلى حجرتها مسرعه وقبلها متألم مثقل .. شعرت أن هناك أمراً ما لا تعلمه .. أنه يعاني مشكله حقيقية .. لا بأس سأستفسر من سمر .. فحاله لم يعجبني ... ثم أخذت ترى الهدية ..
هناااااااء : واااااااااو إنها رائعة
أقبلت والدتها إليها
وماهي الرائعة يا ابنتي ؟
هناء : انظري لهذا لقد جلبه لي مؤيد ..
ام طارق : الله الله يبدو انه لديه ذوق في الانتقاء .. وهذا العطر .. جميل رائحته ..
هناااااء : هههه أتصدقين يا أمي أن هذا العطر كنت قد اشتهيت أن أقتني مثله ذات مرة فلقد شممته عند أحدى صويحباتي .. ثم نسيته والآن قد أتاني .. سبحان الله ...
أم طارق : عجيب حقا ذلك .. هاه أخبريني كيف سارت بينكما الأمور ,أجزم أنكما تصافيتما أليس كذلك ؟؟
هناء : امممم نعم تصافينا ولكن أشعر أن هناك شرخ في العلاقة لا أعلم سببه ..
أم طارق : كيف يعني ماذا تقصدين ؟؟
هناء : يعني أن هناك أمر كبير يشغل بال مؤيد .. وأنه يعاني أمرا ما ..
أم طارق : ( وقد شعرت بالقلق ) هل أخبرك بشئ ما ؟
هناء : لا لم يخبرني ولكني خمنت ذلك ..
أم طارق : لا لا هذه وساوس شيطانية أصابتك .. اطمئني من هذه الناحية جدا .
هناء : بودي لو استطيع ذلك ..
رباب كانت تشعر بالملل فهي لم تعتد على هذا المنزل .. أخذت تنظم أغراضها وتهذبها .. ثم خطر لها أن تصنع عصيرا لخالد لأنه ربما على وشك الو صول .. على الرغم من شعورها بالجوع إلا أنها كانت تشعر بانسداد الشهية .. كانت كل ما تذكرت لطيفة شعرت بالكدر .. لكن ما يواسيها أنها قد تجاوزت المرحلة بأعجوبة ..
بعد أن طلب خالد العشاء وجلبه معه إلى منزله وهو يشعر بتحسن كبير توجه إلى بيته ..
دخلت رباب المطبخ كي تعد عصيرا من الفواكه ولم تشعر أثناء انهماكها بخالد الذي دخل
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك