بارت من

رواية ضلالات الحب -8

رواية ضلالات الحب - غرام

رواية ضلالات الحب -8

- لو سمحت ابتعد عن طريقي.
- لم لا تردين هاا؟
- أنا لا أردُّ على.... وأطبقت فمها بخوف وكأنها انتبهت لنفسها، لا تريد أن تكرر ما حدث، زلة واحدة تكفي!!!
- على هذه الأشكال..أكمليها..
نكست رأسها وهي تعضُّ على شفتيها، حين تراه لا تعرف أن تنطق جملتين بصواب، دائماً لسانها يزلقها في مشادات كلامية لا تعرف سببها.
نظرت له خلسة من زاوية عينيها وهي ترمش لتتأكد من تعابير وجهه، لم تنطلِ عليه هذه الحركة لكنها أعجبته.
"ليس غاضباً...هذا جيد".
- لو سمحت، إنهم ينتظروني.
- اممممم، سأدعك إذا قلتِ "سعيدة برؤيتك مرةً أخرى"!!!!!!!!!!!!!!. قالها بتشدق.
هذه المرة كادت أن تسقط على رأسها فوراً من هول ما تسمعه.
- قوليها..
- لن أقول شيئاً، من فضلك ابتعد. (صاحت.(
- لن تقولي، إذن لن أتحرك وأنا التزم بكلمتي دائماً.
نظرت حولها بإرتباك، ماذا يقول هذا المجنون؟!! "أمل" تعالي... يا ليتني لم آتي إلى هنا.
- "أمللللللللللللللللللللللللللللل".
- تهدديني بالصراخ، فلتأتِ "أمل" إن استطاعت أن تفعل شيئاً.
- أنت ماذا تريد؟ هاا..هل أنت معتوه؟! (غرست أصبعها في رأسها إشارةً إليه).
- أجل أنا كما قلتي والمعتوهون يفعلون أي شئ، مرفوع عنهم القلم!!! (وضم ذراعيه بتصميم).
إنها تعرفه جيداً، تعرف من هو "خالد"، لم يقصر في توضيح ذلك أبداً.
- أقول ماذا؟
- قولي "سعيدة برؤيتك مرةً أخرى"!!
- لكن هذا..هذا لا يجوز، ليس من... حقي. (قالتها بإستعطاف.(
- لم تعقدين المسألة، أنا أعطيكِ هذا الحق، ماذا سيضركِ إن نطقتها. "دعيني أتخيل ولو مرة أنكِ تبادلينني نفس الشعور..الشعور!!! ماذا تقول؟؟!"
"الأمر ليس بهذه البساطة، إنهُ أصعب مما تتصور، إنها ليست مجرد كلمات، بل هي أحاسيس، آه لو كنت تعرف، ولكن أنى لشخصٍ مثلك أن يفهم".
مرت بضع دقائق، خالتها دهراً، هي صامتة بيأس وهو ينتظر..شئ يشدها إلى عينيه كلما أبعدت وجهها أنجذبت إليهما من جديد..
- أنا...تعثرت حروفها بإرتباك.
- نعم. (نظر لها مباشرةً وهو يكاد يرى انعكاس صورته في عينيها!!(
أطرقت خجلاً وهي تكمل:
- س...عيدة.
- لماذا أنتِ سعيدة؟ "يا لهذا السؤال!!"
هزت رأسها وهي تضع يداً على خدها الذي تضرج حمرةً:
- أنا..أنا لا أقدر.
تنفست ببطء وعمق وهي تحاول أن تهدأ من انفعالاتها لكأنها تريد أن تفهمه شيئاً آخر، يختلف عمّا تنطقُ به قسمات وجهها:
- أنا لا أحب أن أنافق أو أخدع الآخرين..
انطفأت ابتسامته، تأملها لثوانٍ، لم تقلها، أصعبٌ أن نكذب على أنفسنا، لمَ لمَ لمَ، كان بإمكانكِ أن تغيري الكثير، كلمة واحدة كانت ستغير مجرى حياتي وربما حياتكِ للأبد، لا تخدع نفسك يا "خالد"، هي لا تحبُّ الخداع، ماذا تُريد منها أن تقول: منذُ أن رأتك وهي لا تنام لأن طيفك اللعين لا يفارق مقلتيها!!!! اخرس واحتفظ بالبقية من كرامتك..
ابتعد عنها بصمت، دون حركة، دون كلمةٍ زائدة، أما تراهُ الآن هو الحزنُ مرتسمٌ على وجهه الأسمر؟!! سارت دون أن يتسنى لها أن تحلل تعابيره أكثر، شعرت بغصة، برغبة في العودة، لتصرخ بقوة:
" أيها المغرور لو تعرف كم أنا سعيدة..سعيدة جداً برؤيتك رغم كل شئ!!!!".

(14)
عادت "ليلى" في الثامنة مساءاً، وقت انتهاء دوام عملها في الشركة!!! دخلت بإنكسار، تحسُّ بنفسها ليست هي، شئٌُ بداخلها انكسر، رأت والدها مستلقياً في الصالة يشاهد التلفاز وبجانبه "أحمد"، التفت إليها وناداها:
- ليلى..
توقفت، لا بد أنهم عرفوا، علموا بأمري، وجهي يفضحني، كلا كلا، تزوجتُ تواً من أخبرهم؟؟! تزوجت!!! أرجوكِ اصمتي..
أشار لها بأن تقترب، مشت بتردد، حين تفعل شيئاً خاطئاً تشعر بأن الكل يعرفه، كلهم ينظرون لك لكي يرجموك!!!
- خذي.
أعطاها علبة بيضاء مُغلفة بعناية.
- ما هذا؟!
- اليوم عيد ميلادك أنسيتي؟!
اليوم عيد ميلادي أم يوم زواجي؟! لقد نسيت....نظرت لوالدها بحب وألم، لم تنسني يوماً وها أنا ذا أخدعك، سامحني يا أبي سامحني..
قلبت العلبة بيديها وهي تشعر بالغثيان، لا تستطيع أن تقف أمام والدها الآن بعد كل ما حدث، تشعر بالقذارة!!
غمغمت له شاكرةً وألمٌ جديد يعتصرُ قلبها، ركبت الدرج تنظر للعلبة بشرود، بحرقة، بدمعة، لم تسمع توسلات "أحمد" الحارة لكي تفتح العلبة أمامه ويرى ما بها، كل ما تراهُ الآن سراب، مجرد سراب، كل ما في الحياة سراب، أنا حقيقة و "أبو محمد" سراب!!! ماذا أقول..
دخلت غرفتها، وضعت العلبة في درج الطاولة المجاورة لسريرها، لم تفتحها، لم تشأ ذلك، نظرت لأختها الصغيرة، كانت ضامة رجليها إلى صدرها، مطرقة رأسها، يبدو كما لو كانت مستغرقة في التفكير بشئٍ ما، إنها حتى لم تنتبه لدخولها!!!
لم تكن بها طاقة لشئ، لا للحديث مع أحد ولا لأي شئ...دلفت إلى الحمام..
"أأحبه فعلاً، هل سمعت نفسها تهمس بأنها تحبه!!! كلا كلا مستحيل، كيف تحب شخصاً مثله، إنهُ جلف والنساء يحببن الأجلاف..أين قرأت هذه العبارة؟!"
مستحيل، مستحيل أبعد كل ما قاله وفعله أحبه، أجننتِ يا مريم!! لا يوجد شئ اسمه حب، هذه كلمة نقرأها، نسمعها ونشاهدها في الأفلام والقصص...الحب ترهات، ترهات جميلة لكنها تبقى كذبة، ألم أقل لكم أنها ترهات؟!!
لكن ماذا أفسر ما أشعر به الآن، لم أتحرّق لرؤيته، لم أشعر بالسعادة حين يكلمني حتى ولو كان معظم كلامنا شجار؟!!
لم أنجذبت له بالذات دون غيره من الرجال، لم هو بالذات، لم؟!!
يكفي يا "مريم" لقد استرسلتِ كثيراً، توقفي هنا وعودي إلى الوراء قليلاً، من أنتِ ومن هو!!
ما هذا الكلام، إنه ليس بأفضل مني بشئ، أتعنين ماله، المال ليس كل شئ والفقرُ ليس عيباً..لو كان الفقرُ رجلاً لقتلته..ثم نحنُ أفضل من غيرنا..نأكل ونشرب، صحيح أن الكماليات قد لا تتوفر لدينا لكن الحمد لله كل ما نحتاجه من ضروريات مُتاح..
"كفي عن التفكير به، كوني عاقلة، بنات آخر زمن!!!!".
دارت "أمل" حول نفسها بحبور، تكادُ تطيرُ فرحاً بل تتلاشى كالأثير، اليوم فقط كلمها، خاطبها وجهاً لوجه!!!
استندت بعمود السرير، وقلبها يكادُ يقفز من صدرها، تخشى أن تسقط أو تتهاوى، إنها لا تصدق، لا تصدق إطلاقاً أنّ شفتيه لا مست حروف اسمها، صحيح أنه ناداها "أخت أمل" لكن لا يهم، فأن تنتظر كلمة ممن تحب هو أقصى ما يتمناهُ القلب..
أغمضت عينيها ببطء، ببطءٍ شديد، تريد أن تسترجع صورته على مهل، تطلب من خلايا دماغها الرمادية أن تسترجع كل حركة، كل همسة، كل خلجة من خلجاته، لا تريد لطيفه أن يختفي، عامان..عامان عمرُ هذا الحب الأخرس وقد آن له أن يتكلم، لقد مللت وملّ صبري مني..
- أخت "أمل"؟
التفتت إليه، كان خلفها مباشرة، ينظر إليها بتلك النظرة التي طالما أحالت عظامها إلى ماء، ازدردت ريقها وهي تشتم نفسها لأنها لم تنظر إلى وجهها في مرآتها قبل خروجها من المحاضرة "أأبدو جميلة؟!".
- ن..عم. (ردت بهمس ذاهل.(
ابتسم..."أرجوك يكفي!!!".
- أبإمكانك أن تزوديني بقائمة المراجع التي استعنتم بها في بحث "الطفل التوحدي"، سأستعين بها لمشروع التخرج، إذا سمحتِ طبع..
ردت بسرعة دون أن تتيح له الفرصة لأن يكمل:
- بالطبع، ليس لديّ مانع.
"لو طلبت عيني لما تأخرتُ بالإجابة أبداً" فتحت حقيبتها ويدها ترتجف، وفي كل ثانية تنظر له وهي تبتسم بإرتباك، والمشكلة أنها كلما حاولت أن تمسك ال "Disk " كان ينزلق من بين أصابعها، نظرت له بحيرة وهي تكادُ تبكي:
- أعطني كتبك..
سلمتهم إياه بحياء، وأخيراً وبجهد لا يُطاق أخرجت "الديسك"، ستغضب منها "مريم" و"سلمى" بلا شك، ولمَ أخبرهم أصلاً، لديّ نسخة منه في حاسوبي!!
تناولهُ منها بيده الأخرى، اتسعت ابتسامته وأردف:
- على فكرة كان عرضكم رائعاً.
"أسمعتموه ماذا يقول؟! قال عني رائعة.. رائعة!!!!" كادت أت تذوب في وقفتها، قرّب منها الكتب لكنها لم تنتبه، ناداها بلطف، فرفعت رأسها:
- أخت "أمل" تفضلي كتبك أم..لا تريدينها.
أخذتهم منه وهي تتحاشى أن تصطدم بيده، ودعها مكرراً شكره، أخذت تراقب طيفه وهو يبتعد شيئاً فشيئاً، ليت الزمان يجود عليّ بمثل تلك اللحظات...
تناهى إلى مسمعها أصوات شجار قطعت خواطراها، بدأت تعلو شيئاً وشيئاً وهي تقترب من باب غرفتها، هرعت للباب تفتحه، كان "خالد" ممسكاً بزمام قميص "راشد"، أبعدها ذلك الأخير وهو يصرخ:
- أنت لا شأن لك بي، أتفهم.
- تُريد أن تنفصل عن شركة والدي وأسكت.
- والدي لم يمانع.
- ماذا تريد أن يقول لإبنه العاق وهو يتركه بعد أن كبّره وأعطاه من سنين خبرته الشئ الكثير.
- عاق!! لو سمحت تحدث عن نفسك أولاً قبل أن تتحدث عن غيرك.
- ماذا تقصد ها؟ (سأله وقد تمكن الغضب منه.(
سار عنه دون أن يجيب. زفر "خالد" وهو يحاول أن يتمالك نفسه:
"- راشد" ستعود إلى الشركة، أتسمع.
توقف "راشد" وردّ بثبات:
- لن أعود.
- لا تضطرني إلى أن أفعل أشياء ستضرُّك كثيراً.
هوى قلبه إلى الأعماق، تفتت كقطع الزجاج، لا تضعف يا "راشد" لا تضعف أبداً:
- افعل ما بدا لك.
- فرح يا "راشد" فرح...
"رحماك يا ربي، الهمني الصبر..الصبر فقط".
- لقد كبرت وأصبحت أكثر جمالاً.
…………………-
" لا تنطق اسمها بلسانك القذر".
التفت لأخته وهو يسألها بسخرية:
- كم أصبح عمرها الآن؟!
لم تجب "أمل" تنظر لأخيها الذي امتقع وجهه فجأة.
أكمل ببرود:
- ربما نسكن في هذا البيت ، أفكر أن نأخذ الطابق الثاني بأكمله، سأعطيك غرفتي بالأسفل.
"يكفييييييييييييي".
همّ بالصراخ، بالاعتذار، بتقبيل يده ربما!! لايهم.
- مبروك، سأكون سعيد جداً لأجلك، ففرح تستحق الأفضل دائماً!!!
نظر له بتعجب، أجادٌ هو في ما يقوله، لا بد أنّ شيئاً جرى له، هذا ليس "راشد" الذي أعرفه أبداً.
- أنا لا أمزح كما المرات السابقة.
- وأنا جاد في تهنئتي.
- سيكون زواجي نهاية الشهر القادم.
- أكرر مباركتي يا أخي ال..عزيز.
وانصرف بطعنةٍ وداعية!!!!
وقفت "أمل" مبهتة بينهم، تسمع حوارهما وهي لا تكادُ تصدق، ترثي أخاها، لقد قتله، قتلهُ ذلك المجرم، أيُّ أخٍ هذا، أما يسري في شرايينه دمٌ أم ثلج؟!
- أنتَ لا ضمير لك.
نظر لها بشرود دون أن ينتبه لما تقوله، لا زال مصدوماً من ردة فعل أخيه.
- نعم..ماذا قلتِ.
- أقول أنت لا ضمير لك.
ابتسم بتهكم، أخذ يبحث في جيبه عن علبة سجائر دون أن يرد عليها، شعرت بالغيظ أكثر:
- لا أحد يطيقك هنا، أنا أكرهك، الكل يكرهك، وستموت هكذا دون أن يحبك أحد.
فلتت السجارة من يده، نظر لها بغضب أخافها لكنها لم تتحرك، لازالت واقفة:
- اذهبي إلى غرفتك وإلا خسرتي وجهكِ هذا.
نفذت ما قال صاغرة، من هي لتجادله؟! أما هو فقد نظر إلى حيثما ذهب "راشد"، تأمل الممر للحظات، هزّ رأسه ثم تحرك..
وفي الجانب الآخر، في المزرعة، استند "راشد" على السور، وضع يديه على جبهته، يشعر بحرقة تعصف بكيانه، أحس بنفسه ضعيفاً مسلوب القوى كهذه النملة التي تمشي بصعوبة على كم قميصه الآن:
" سامحيني يا "فرح" سامحيني، لكل إنسان قدرة على التحمل، لكنني لم أعد أقدر, سامحيني أيتها الغالية..."
(15)
استلقت على الكرسي بفتور وهي تشعل اللفافة الرابعة ربما!!! لو أخبرها أحد قبل 10 سنوات بأنها ستدخن لصفعته وهي تضحك في سرها.. ربتت سجارتها بحافة "المنفضة" بخفة فتطاير رذاذه، سعلت قليلاً فهي لم تعتد بعد..
عادت لتنظر إلى النائم على السرير، ابتسمت بتهكم، أصبحت معه كالخفاش، تنام نهاراً ثم تعود في المساء إلى البيت، شهران...شهران كاملان وهي على هذه الحال..
مجت السجارة بعمق هذه المرة فاتحدت زفرتها مع سحابات الدخان، هو من علمها كيف تدخن أول سجارة، قال أنّ التدخين الآن صفة ضرورية للمرأة "الستايل"!!!
قامت من الكرسي ، اقتربت من الفراش، هزته بقوة:
- "بو محمد".
- انهض، الساعة الآن السابعة والنصف.
- أف، ماذا تريدين؟!
- لقد تأخرت، ألن توصلني؟!
- وما نفع سيارتي الأخرى التي أعطيتك إياها إذن...غداً سأسافر وعليّ أن أرتاح؟!
وعاد ليغطي نفسه بالملاءة من جديد، أين ذهبت الغيرة، أين ذهبت تلك اللهفة القديمة، لم يدّعي الرجال أشياء ليست فيهم، كم هم كذابون، عندهم فقط كلمات، مجرد كلمات ينثرونها على من يريدون، وفيما بينهم يعرفون حقيقتها جيداً!!!
أين تلك العبارات التي طالما أصمّ أذنيها بها:"مستحيل أن أدعكِ تعودين للبيت لوحدك في هذا الليل، تعرفين كم أحبك...كم أخافُ عليكِ و....!!!"
والتقطت مفاتيح السيارة من على المنضدة، سحبت عباءتها بعد أن رشت نفسها بكمية كبيرة من العطر، لعلها تبعد رائحة الدخان الكريهة!!!
أين السعادة الأبدية التي وعدني بها، أهذا هو الزواج؟؟! أهذا ما كانت ترنو إليه طوال حياتها، إنهُ ليس سيئاً بالطبع، لكنه ليس جميلاً كذلك!!! كانت تتوقع شيئاً آخر، لكنّ الواقع شئ وأحلامنا شئ آخر تماماً..
توقفت أمام الإشارة الحمراء، اعترتها رغبة جامحة للتدخين لكنها تكاد تقترب من البيت..أيّ عطرٍ سيغطي عليها؟!
صدت للسيارة المجاورة لها لا إرادياً وهي تنتظر لحظة الإنطلاق، كان صاحب السيارة فاتحاً نافذته يراقبها بالمقابل، ابتسم في وجهها، فعادت لتنظر إلى المقود، مرت دقيقة أو دقيقتان ربما وهي تتأفف من الإزدحام، التفتت إلى السيارة مرة أخرى، أو بالأصح لصاحبها، يبدو أصغر منها، ربما في بداية العشرين...انتبه لنظراتها لكنها هذه المرة لم تُدر وجهها، وما أن ردت إليه الإبتسامة حتى أضاءت الإشارة بلونها الأخضر وانطلقت وهي تشعر بالندم قليلاً!!!
- ماذا بك تبدين واجمة؟! سألتها سلمى.
هزت "أمل" رأسها بضيق وهي تقضم شطيرتها بآلية:
- إنها المشاكل العائلية المعتادة.
رفعت "مريم" رأسها بإهتمام وهي تعبث بالعود في مشروبها الغازي.
- آسفة، لم أقصد أن أتدخل في شؤونك الخاصة. ردت "سلمى".
عادت لتهز رأسها من جديد، تركت شطيرتها دون أن تكمل رُبعها!!! تنهدت وهي تقول:
- أخي سيتزوج قريباً.
شعرت "مريم" بالإنقباض، ارتجف العود بيدها وهي تصيغ السمع..
- سيتزوج؟! وهل هذه مشكلة؟! سألت "سلمى" بمرح.
لكن "مريم" لم تمهلها في الإجابة، عاجلتها بسؤالٍ آخر:
- من منهم سيت..زوج؟!
- خالد..
حينها هوى قلبها، كلا كلا لم يهوي بل تقطعت نياطه، نزفت من الداخل نزفاً عميقاً أماتها، قتل آمالها..اغتال حلمها، أجنحة السعادة تتكسر أمام عينيها، كل ما تراه الآن لا شئ..لا شئ....
حاولت أن توقف اهتزاز يدها حتى لا يلاحظن، وضعتها في حجرها وهي تقاوم نفسها الملتاعة، ترجوها أن تصبر، تصبر قليلاً إلى أن تعود للبيت، وتبكي ما شاء الله لها أن تبكي، امسكي نفسك قليلاً يا مريم..لا تفضحي نفسك!!!
- الأمر أعقد مما تتصورين...لا أدري ماذا أقول!!! (ردت "أمل" ببؤس وهي ترفع يديها في الفراغ.(
صمتت "سلمى" احتراماً لحزن صديقتها، وإن لم تدر لم كل هذا الحزن؟! لم تحب أن تثقل عليها بالأسئلة، فأخذت تعبث بجوالها، أما "مريم" فكانت تغلي من الداخل، تراكمت فيها كل الآلام تلك اللحظة، تدوي من الداخل ولكن بصمت حتى تتقرح...
"ما كان عليكِ أن تتمادي في أحلامك، كل شئ له حدود حتى الأحلام..."
استأذت منهم وهي تتعلل بالدخول إلى الحمام، سارت دون اتزان، دون هدى، لم تعد
يتبع ,,,,,
👇👇👇
تعليقات