بارت من

رواية طاريك ينفض القلب -75

رواية طاريك ينفض القلب - غرام

رواية طاريك ينفض القلب -75

استحوذ القلق عليها بشدة...وكأن القلق الذي في الدنيا كله قد تجمع عندها.. في
عقلها ...وفي عقلها هي فقط...
في نفس الوقت في المستشفى
خرج سعيد من عند سيف وبعد أن ترك امه معه..عندما افاق في الفجر كان
عطشاً فطلب من سعيد كأس من الماء ودخلت ام سيف عليهم بعدها..كانت
الدموع تتساقط من خلف برقعها وهي تبتسم لرؤيتها سيف مستيقظاً ...قبلته
على رأسه وهي تسأله: شحالك يبه؟؟ تحس بشي؟؟؟ شي يعورك؟؟؟
سيف وهو يحاول أن يبقي عينية مفتوحه: راسي يعورني ابغي ارقد...
أم سيف: بس راسك يبه!!! أنت ملفوف بهالشاش... ارقد يبه... ارقد وارتاح..
في الثانية ظهراً
تلقت جواهر اتصالاً من سالم يخبرها بأنه ينتظرها في المستشفى ...ساقت
السيارة بسرعة ووصلت لباب المستشفى مشت في الممر الطويل الى
المصاعد... واتصلت في سالم الذي كان ينتظرها أمام المصعد ليرشدها للغرفه
فمشوا إلى اليمين بعد استراحة الرجال المفتوحه والتي تحيط بها نباتات الظل...
وتوقف سالم في اخر الممر ..أمام الباب وتركها تدخل وحدها...كان قلبها
يوجعها وقد تذكرت كل اللحظات الاليمة التي رافقت مرض أمها وحتى
وفاتها..وعندما دخلت الغرفه أحست بالبروده تجتاحها فارتجفت ونظرت الى
سيف النائم على السرير بين الاغطية البيضاء...كان اللحاف يغطي نصفه الاسفل
فقط وقد وضع ذراعة الملفوفة بالجبس والمربوطه في عنقه على صدره العاري
الملئ بالكدمات ....ورأسه الملفوف بالشاش...وهو نائم كالطفل..لم تستطع أن
تمسك دموعها التي انهمرت ...حاولت أن تمسحها بالمحارم الورقية... واقتربت
من السرير اكثر ووقفت بجانبه وأخذت تنظر اليه.. كانت تراه على هذا الشكل
ولأول مرة ...طالما ظنت انه كالاسد لا يقدر عليه أحد..ولم تفكر في يوم من
الايام انه ممكن ان يصاب في حادث كهذا ....كانت تظنه غير قابل للكسر
والمرض وهذا ما آلمها اكثر ...لقد اعتبرته رجل خارق....استغفرت ربها
وأمسكت كفه السليمة وضمتها بكفها وجلست بجانبه وأخذت تناديه.: سيف ..
سيف...

ولما لم يجبها ...اكملت : رد علي يا سيف...انا جواهر...كلمني ...
ولم يرد واخذت تبكي بصوت عالي لم تقدر أن تتماسك اكثر...ولكنها اكملت :
قوم وانا بسوي أي شي تبغيه... أي شي ...تسمعني؟؟ قوم عشاني وعشان امك
المسكينه ...مهب عارفه شلون بقولها ؟؟؟ سيف ( وضغطت على كفه بحنان )
لا تخليني ... أنا مالي حد غيرك في الدنيا ....أنا احبك يا سيف ...تسمعني ؟؟
انا احبك ... وانا اسفه أني ضيقت عليك وزعلتك الايام اللي فاتت...كنت
غبيه..والله اني كنت غبيه...بس الحين أنا عرفت ...عرفت شكثر تعني لي..أنت
كل حياتي وانا من غيرك ما اسوى شي ...سيف حبيبي قوم وبطل عيونك خلني
أتأكد انك بخير... قوم وطمّني عليك...
لم يرد عليها سيف فظلت جالسه ودموعها لم تتوقف وهي تنظر لوجهه المتعب
والشعر قد بدا ينمو فيه رفعت يدها الاخرى ولمسته بخوف وحذر ...لمسته
بأناملها بنعومه..كانت كأنها تكتشف ملامح وجهه ...كالعمياء التي تتلمس
طريقها باللمس...
أحست بالباب يفتح فسحبت يدها بسرعه ووضعتها على حجرها...ودخل سالم
عليه وهو يقول لها بصوت خافت : يلا جواهر ...ما خلصتي...الرجاجيل بيجون
الحين...

حاولت سحب يدها من يده ولكنها لم تقدر فقد امسكها سيف ...وعندها التفت له
ولكنه كان لا زال مغمض عينيه واشارت لسالم بأن ينتظر قليلاً وعادت للمسة
سيف...وارتسمت الابتسامة على وجهها عندما رفع يدها وقربها من فمه ثم
قبّلها ووضعها بجانب وجهه ....حاولت أن تقرأ شي على ملامح وجهه ولكنه
كان لازال نائما ...ولكنها أحست به يتحرك قليلاً وسمعته ينطق اسمها ويناديها
فاقتربت اكثر وسمعته يناديها مرة اخرى بضعف شديد: جواهر....
فردت عليه وهي تمسح دموعها : عيون جواهر...
ولكنه لم يرد واكمل نومه ...فأخذت تتأمل في وجهه وتبتسم وهي غير مصدقه
أنه أحس بها ...أنه يمسك كفها بقوة وكأنه يخشى أن تهرب منه...أحرجت
عندما دخلت أمه في تلك اللحظه وهي تجر رجليها جرا وسلمت بهدوء على
جواهر ثم جلست على المقعد على الجانب الاخر من الغرفة وبالقرب من
ابنها...ولاحظت يد جواهر التي امسك بها ابنها فابتسمت وقالت : الله يبلغني
فيكم أن شاء الله...
ردت جواهر: تستاهلين سلامته يمه ...

أم سيف: الله يسلمج يمه ... انا جيته الفجر وقعدت عنده عشان صديقه سعيد
يرجع يرقد ....المسكين واقف على رجوله طول الليل مع سيف.. يعلني ماذوق
حزنه ان شاء الله...
جواهر: رجال والنعم فيه...
في تلك اللحظه دخل سالم وقال : ممكن تروحون استراحة الحريم ؟؟؟ الرجاجيل
برع وينطرون ..
لم يكن لدى جواهر أي خيار فسحبت يدها ووقفت تساعد أم سيف على الخروج
من الغرفة والتوجه الى الاستراحه والغريب أنها غطت وجهها قبل أن تخرج
وكأنها تنفذ رغبة سيف...رغبته دوماً حتى وان لم يقلها الآن...
اضطرت للمغادرة قبل المغرب وأوصلت أم سيف في طريقها على أن تبقى مع
اتصال معها لتطمئن...

في المساء
اتصلت جواهر في أحمد لتسأله عن سيف فوجدته بالمستشفى ولم يقدر أن يطيل
الحديث معها فقد كان المكان يعج بالاهل والاصحاب ...اقفلت الخط وظلت
ممسكه بهاتفها وتفكر بسيف الذي امسك بيدها ووضعها بجانب وجهه ...هل
احس بها فعلاً ام انه فعل ذلك بدون وعيٍ منه...اخذتها افكارها الى حيث سيف
وتمنت لو كانت لا زالت معه..
في نفس الوقت افاق سيف وفتح عينيه فوجد سعيد يشاهد التلفاز وهو يضع
رجليه على يد المقعد وغترته مرميه على مقعد اخر وهو يسند رأسه بيده..
وفكر ( اكيد كنت احلم ...هي مهب هنيه ... سعيد وامي بس اللي
شفتهم...للهدرجة ياجواهر ؟؟؟ للهدرجة ماهمج؟؟ ولا افتكرتي فيني!!!)

في ظهيرة اليوم التالي
عندما دخلت عليه مع أخيها احمد وجدته صاحياً وينظر للنافذة ورفعت غطاء
وجهها ..كان الضوء القادم من النافذه الطويلة يعم المكان فرأته على سريره
عاري الصدر مثل البارحه ولكنه ملفوف بشاش خفيف وقد ازالوا ربطة الرأس
وعلقو ذراعه الى عنقه...التفت لهم عندما سمع صوت الباب وقفز قلبه من
مكانه ولكنه حاول قدر استطاعته أن يخفي مشاعره بأن تحرك ليحاول الجلوس
ولكنه احس بألم في صدره لدرجه أنه عض على شفتيه ليكتم صرخته...فأسرع
له احمد وهو يقول: خلك ...خلك مرتاح لا تتحرك..اقربي يا جواهر...لفي مناك
عند ريلج...
لم تسمعه جواهر لأنها كانت تراقب سيف ولاحظت المه وأحست فيه ونزلت
دمعة حائرة من عينيها وهي لا زالت واقفة عند الباب..وعندما عاد سيف
للاستلقاء على سريره انتبه لها ولحزنها ولكنه لم يقل شيئاً بل انتظر أن تأتي
اليه بعد أن اعاد أحمد مناداتها حتى انتبهت لندائه واقتربت نحوه وجلست على
المقعد الجانبي واعطت ظهرها للباب ...بعد عدة دقائق خرج أحمد وتركهما
لوحدهما...

بدأت هي بالحديث فسألته: شحالك اليوم أن شاء الله احسن ..
رد عليها ولكن بدون أن يغير نظره المركز على النافذه : الحمدلله...
علمت أنه لازال غاضباً منها ...إنها تستحق ذلك...يجب أن تحاول ثانيه... دارت
حول السرير الى أن وقفت بينه وبين النافذه ثم جلست على المقعد الجلدي
الصغير وواجهته وقالت: سيف...أنا اسفه على كل شي ...كنت غبيه ..كنت
ابغي تثبت لي شكثر انت تحبني؟؟؟ ويوم حسيت أني ممكن افقدك ...بغيت
اموت.. مريت بلحظات الله لا يرويك....لو مهب سالم جابني لك امس كنت
بستخف...

سيف: جيتي امس؟؟؟
جواهر: ايه جيت الظهر بس انت كنت راقد ما حسيت فيني..وتميت قاعده للعصر
لين جات امك...وبعدين طردنا سالم ....والا كان ما تحركت من مكاني...
نظرت اليه فلم تجد أي نية للتعليق أو التعاطف ...فصمتت واكتفت باللعب
بخاتمها كعادتها أن اضطربت...
كان سيف يفكر ( يعني جات المسكينة ...ظلمتها...اكمل الحقران والا اخليها
تراضيني...تكسر الخاطر..شوفوا شلون متوهقه....اعرفها لين توهقت ...) قرر
أن يجاريها في الحديث فسألها: من علمج؟؟
رفعت رأسها : سالم ...محد استهم فيني الا هو...تدري سيف...أنا حسيت بنغزه
يوم سويت الحادث بس ماعرفت من ايش...اتصلت فيكم كلكم ...كلهم ردوا الا
انت كان جواك مغلق...تميت احاتيك طول الليل لين الصبح ويوم قالوا انك
ماجيت حسيت ان فيك شي ...مادري ليش...بس حسيت ...وطلع احساسي
صحيح...

سيف بخبث: خفتي علي؟؟؟
جواهر بخجل : ايه...
سيف: شكثر؟؟
جواهر: واجد....
سيف: يعني عيل بتوافقين نتزوج الشهر الجاي؟؟؟
جواهر ونظرها لازال على حذائها:وانت بهالحالة؟؟؟
سيف: مالج خص...انا بسأل الدكتور بس انتي موافقه؟؟
جواهر: سو اللي تبغيه...
سيف: يعني احدد على كيفي؟؟؟؟ وماتقولين امي واخوي ومادري من؟؟؟
هزت جواهر رأسها رافضه ...
سيف بنذاله: يعني كان لازم اندعم واموت عشان ترضين؟؟
جواهر بخوف: اسم الله عليك ...لا تقول جذيه...بس الظروف تحكمنا..
سيف: من اهم عندج؟؟؟ أنا والا الظروف؟؟؟
جواهر: انت ...بس...
سيف: بدون بس...( وحاول أن يتكئ على ذراعه السليمة فآلمه ذلك وتأوه
بقوه) آه ...
قفزت من مكانها وحاولت ارجاعه للسرير وقالت: لا تتحرك...عشان مايعورك
صدرك لا تتحرك...
سيف وهو لازال يتألم: مايقدرون يسوون شي الا بالمسكنات...لازم العظام تلتئم
بروحها...بس تدرين...انا مستعد اتحمل الالم إذا بشوف الخوف والاهتمام في
عينج مثل مساعه..
جواهر : حرام عليك...
سيف:في مقوله اجنبية معروفه تقول : الانسان له ثلاثة اشياء تحقق له السعادة
شخص يحبه..وشيء يفعله.. وشيء يتطلع له..وانا لقيت اللي احبه ..والشي
اللي اسويه...والشي اللي اطمح له أنج تكونين معاي للابد...
في تلك اللحظه دخلت امه الغرفه وسلمت: السلام عليكم ...
وقفت جواهر احتراماً لها وتوجهت لها لتسلم عليها ثم عرضت عليها الجلوس
على المقعد القريب من سيف...وجلست بتعب عليه وقالت: شحالك الحين يانظر
عيني؟؟ اربك بخير؟؟؟
سيف: الحمدلله ...أنا بخير يوم شفتج وشفت مرتي...
أم سيف: جعل عيني ما تبكيك...
سيف وهو يبتسم بسعادة: أمين يارب العالمين أنا وجواهر ..
ابتسمت جواهر بخجل من جملته...
فأكمل قائلاً لأمه : يمه مادريتي؟؟؟ اول مايشيلون الجبس من يدي بعرس...
أم سيف: مبروك ياولدي ...لكن شاللي عاجلك ؟؟؟ انت للحين متعور ومن حملها
وقيه حملها وقيتين..
سيف: بس أنا صبرت قبل غصب...
أم سيف: والحين بتصبر غصب بعد ...ياولدي الانسان مسير مهب مخير..
وهذي ارادة رب العالمين ... واكيد فيها حكمة...
سيف: ونعم بالله...
أم سيف: والبنت ماتبغي تتجهز ؟؟ ماتبغي تخيط وتتشرى؟؟؟
سيف: بأشارة من صبعها اوديها باريس والا لندن والا دبي تتشرى وتخلص في
كم يوم...
ما أن سمعت جواهر اسم لندن حتى قالت وبهلع واضح على وجهها: لا...لندن
لا...
تذكر سيف كل شي ورأف لحالها وقال: كان قصدي باريس والا دبي ...والا حتى
لبنان...
جواهر: كيفكم ...
أم سيف: الا على كيفج انتي ... اختاري وين تبغين تروحين عشان اروح
معاج...ولو نروح حق عرب احسن من العنقريز...
جواهر: ما ابغي اتعبج يمه ...مهب لازم اروح مكان ...بتشرى من الدوحة..
أم سيف: والله ماتتشرين الا من اللي خاطرج فيه ولا يتغير عليج شي وانا
عايشه... وهذي حلفه..
ابتسمت جواهر بفرح وذهبت لها وقبلتها على رأسها وحضتنها بقوة..وقالت:
الله يخليج لي...ولا يحرمني منج يا رب...
سيف : يا حيج ....
خجلت جواهر من كلمته مع أنه لم يحدد من التي يحسدها....هي ام امه؟؟؟
ذكي..
كان الجو ملئ بالفرح والسعادة ودعت أم سيف ربها بأن تديم عليهم هذه
النعمة..

ومضى شهر
كانت الليلة مختلفه فهي ليلة زواج سعيد الليلة التي انتظرها طويلاً وسيف
بجانبه يمازحه وقد لاحظ السعادة التي يشعر سعيد بها وتمنى في سره لو كان
في مكانه.. كانت يده لا تزال ملفوفه الى عنقه...لكنها زادت من جاذبيته وبدل
من أن يساعد سعيد ويرتب له غترته كان سعيد هو الذي يساعد سيف ويرتبه
ويقول : الله يسندرك موهقني حتى في يوم عرسي....
كانوا يقفون للمهنئين اللذين قدموا لعرس الرجال في قاعة النادي الدبلوماسي
التي وان كان حجمها صغير نسبياً الا انها كانت مجاورة لفندق الانتركونينتال
حيث قاعة العروس...وتوافد الرجال بكثره حتى ان بعضهم وقف في البهو
وجلس البعض الاخر في المقهى الخاص بالنادي...كانت فرقة شعبية احضرها
اخوه من السعودية خصيصاً لعرسه تغني القصائد الحماسيه والتي جعلت سعيد ينضم الى الشباب اللذين يرزفون بسيوفهم في عرضة رائعة جعلت سيف
يتحسف لأن كسوره لم تجبر بعد لينضم لهم...
يتبع ,,,,,
👇👇👇
تعليقات