رواية مذكرات نوف -2
... وزرنا أكثر معالم لندن ... مجمعاتها التجارية العريقة ... حدايقها الساحرة ... قصورها الفخمة ... وزرنا بعد مدرستي القديمة ... وشفت الآنسة كايتي ... اللي صارت مديرة للمدرسة وعرفت جراح عليها ... وهالمدرسة دخلتها لما قرر أبوي يكمل دراسته الجامعية في لندن ... وقتها أمي كانت متوفية ... والمسكين ابتلش فيني ... بس أمجد الفلسطيني مدح له هالمدرسة الداخلية وخصوصا أنه أخته كانت تشتغل فيها كمشرفة تغذية ... وبالفعل انضميت لها ... وكانت مدرسة مستواها عالي جدا ... وفعلا ما في أحد يعرف يربي أطفال أكثر من الانجليز تقدمهم التربوي جدا عظيم ... والحمد الله قدر أبوي يخلص دراسته في فترة قياسية ... ورجعنا مع بعض للمملكة ... وللحين تشكل هالمدرسة جزء حلو من طفولتي ... وكل ما جيت لندن لازم أمر عليها وأزور اللي فيها .بعد شهر ... رجعنا المملكة ... ولسا باقي على الاجازة وقت طويل ... ملل في ملل ... أنا وجراح سهر ... وأفلام ... وخرابيط عالنت ... والجو في الرياض ما يساعد أبدا على الطلعة والتمشي ... ومريم واهلها للحين ما رجعوا من مصر ... وشكلهم مطولين :
_ وش تسوين ؟
كنت ماسكة الملعقة وأقلب في القدر الصغير اللي على النار :
_ هلا جراح ... قاعدة أسوي طبخة ...
_ تطبخين ؟!... انتي ؟!... وين سوزان ؟
_ راحت السوبر ماركت ...
كتف يدينه يستهزء فيني :
_ وشنو الطبخة اللي تسوينها يا آنسة نوف ...؟
_ حلا ... وراح أسوي قهوة ...
راح جراح وفتح الثلاجة :
_ يا شين الفراغة ... تخلي الواحد يبدع بالهبال ...
رحت عنده وأنا للحين ماسكة الملعقة اللي كانت تنقط من اللي فيهاعلى الأرض :
_ وش قصدك ؟... يعني أنا ما أعرف أطبخ ...
شرب من بطل البيبسي اللي طلعه :
_ والله ما حصل اللي الشرف ... وذقت طبخك من قبل ...
_ تشوف ... أنا جهزت البسكويت ... وقاعدة أقلي السكر علشان أحطه فوقه ...
_ تقلين السكر ؟!!!!
_ وش فهمك أنت ... أصلا أنا هذي الطبخة أخذتها من النت ... وبعدين غريبة وش اللي مصحيك الحين ؟!
_ نوف ... تشمين ؟
_ شنو ؟
_ ما أدري ... ريحة ... نــــــــــــــوف !!
التفت وكان القدر اللي على النار يطلع دخان قوي ... خفت ... وجراح خاف أكثر مني ... وتلقائيا صرت وراه :
_ احترق السكر يا جراح ...
_ روحي طفي النار ...
_ أخاف ... روح أنت ...
_ انتي اللي طابخة ... وش حاطة بالقدر ؟!
_ سكر ... والله بس سكر ...
وقامت صفارات الحريق تطلع الصوت المزعج :
_ يووووووووووووه ...
استسلم جراح ... مد كمومه وغطى يدينه وهو خايف ... شال القدر وطلع برا من الباب الخلفي وحذفه في الحديقة ... طفيت النار وشغلت الشفاطات ... ودخل جراح وهو يفتح الباب كله :
_ أووووووووف ... الريحة تموت ...
_ جراح ... أخاف الدخان هذا يسمم ... لونه أبيض ...
ظليت أهفي بالمنشفة اللي في يدي علشان الدخان الكثيف يطلع برا :
_ شو في ؟
دخلت سوزان مخترعة ويدها مليانة أكياس :
_ ما صار شي ...
_ إلا صار بغيتي تحرقينا ... أنتي وطبخاتك ...
_ أصلا كله منك ... إنت اللي كنت تسولف ولهيتني ...
_ يا سلام ... أجل في وحدة تطبخ سكر ... يا ذكية ...
_ هههههههههههههههههه ... يا آنسة أنا قلت لك اللي نفسك فيك أنا بطبخه إلك ...
علق جراح :
_ أحسن ما تسوين نفسك عبقرية وتحرقين البيت ...
وضلوا يعلقون علي ... عصبت وطلعت من المطبخ ... وتشاءمت مرة ... ليش كل ما أبي أتعلم الطبخ تتقفل بوجهي ... خلاص أخذت قراري ... هذي محاولتي الأولى والأخيرة بالطبخ .
ملل في ملل ... دائما نتمنى العطلة تجي ... بس لما تجي نحتار شلون نمليها ... والفراغ يصير مرض نبي نتخلص منه ... طلعت الغرفة اللي في الدور الثالث ... هالغرفة محكورة في زاوية ... بس كانت جدا واسعة ... حنا نسميها مجازيا غرفة أبوي ... رغم أن جناح أبوي في الدور الثاني ... والغرفة عزيزة جدا على قلبي ... ما كان فيها أثاث ولا تنسيق للديكور كانت مثل القبو ... مجرد خزاين كبيرة ... وسرير عادي ... بس مليانة ملابس وصور ودببة للعشاق وهدايا واكسسوارات ورسايل غرام وأشرطة فيديو وكاسيتات قديمة ... كلها خاصة بأمي ... وأبوي كان يحتفظ فيها مو شكل من أشكال الوفاء ... ولا مجرد إحساس بالحنين ... لأنه ببساطة ما كان يقدر يعيش من غيرها ... أبوي في كل شي مثالي ... حتى في الحب ... ما كان يقبل نظام تعدد القلوب ولا تعدد الأحباب ... تفكير مو واقعي .... وشعور صعب تتأقلم معاه ... بس أبوي كان مقتنع فيه جدا ... وقناعات الإنسان صعب جدا تتغير حتى لو كانت خطأ .
شفت ثوب عرسها الأبيض العادي جدا معلق في أول الخزانة ... الفستان الأزرق الملكي اللي أبوي كان يحبه واللي للأسف قطعت موضي أكمامه في لحظة من لحظاتها المجنونة ... سبحان الله ليش تغار من وحدة ميتة ؟!...فتحت صندوق الاكسسوارت المخمل اللي فيه دبلة الزواج اللي عليها اسم (سلطان) ... العقد الذهب اللي أفتح قلبه ألقى صورتها هي وأبوي يضحكون ... الساعة اللي أبوي شراها لها لما درى فيها حامل ... وعلى الرف مصفوفة الدببة اللي ماسكة عبارات (I Love You) و (You Are My Life) وغيرها ... أشرطة الكاسيت اللي مسجل عليها صوت أمي تغني بصوت رائع جدا (باكتب اسمك يا حبيبي ) و (وشايف البحر شو كبير!) وباقي الفيروزات ... صورهم اللي وثقت كل اللحظات الحلوة في حياتهم ... أشرطة الفيديو الخاصة فيهم ... رسايلهم ... أبوي ما كان عنده مانع نقرأ هالرسايل لا أنا ولا جراح ... لأن مشاعره تجاه أمي كانت شي يفتخر فيه جدا ... سبحان الله على كثر ما أقرأ هالرسايل ما مليتها ... كل مرة اكتشف فيها حنان أمي ورومانسية أبوي الغير متوقعة :
ما أرق المتحف اللي من ورى ضلوعك فدتك الدور
وأنا ما أقوى نظر ما فيه بعد غياب ناظرها
حديقة بيت أهلها ... سورها العالي ... حمام السور
زخارف بابها ... شباك غرفتها ... ستايرها
ورق جدرانها ... سجادها ... تقسيمة الديكور
خزاينها ... هداياها ... رسايلها ... خواطرها
تحفها ... مزهريتها ... قصصها ... شعرها المكسور
صورها ... مكتبتها ... أقلامها ... لمة دفاترها
زمام السيف ... شال الليل ... حنا الكف ... كحل الحور
حلقها ... عطرها ... فستانها الأبيض ... جواهرها
مرايتها ... فصوص الساعة البيضا أم خمس سيور
خواتمها ... قلايد جيدها ... نقشات أساورها
ملابسها ... بروق ألوانها ... دولابها الممطور
من أزرقها ... إلى أحمرها ... إلى أخضرها ... إلى أصفرها
نسانيس الهوى اللي ترتشف يشمومها المنثور
صخيفات المناديل اللي احتضنت عبايرها
مصابيح المكان اللي خذا منها النهار النور
سنون أمشاطها اللي ما نست عشرة ظفايرها
بطاقات يطرزها صغار يحملون زهور
رحيل الدبلة اللي ما تهنت في خناصرها
زوايا كنها بلور في بلور في بلور
مسا رزنامة غاب الحرير اللي يغيرها
بكيت وصارت الدنيا قفص واستوحش العصفور
ضحكت وملت شبوك القفص من كذب طايرها
عرفت شلون الأرض تدور وأيام الزمان تدور
والأعيان إن صفت كيف ومتى تذبح محاجرها
ومتى تصير القبور بيوت وتصير البيوت قبور
وكيف الذكريات يذوب ماضيها بحاضرها
على الله وأنت أبيك المتحف اللي للعرب مأذور
إذا جتك العيون وصدت أبوابك نواظرها
تمر أجيال وتصدر سواليف وتعيش عصور
وتروي سالفة عمري من أولها لآخرها
هالغرفة غنية ... غنية بالذكريات ... بالتفاصيل ... بحياة للأسف ما قدرت أكون جزء منها ... كنت أتحسر ... حسدت أبوي ... حسدته من قلبي ... تمنيت أعرف هالإنسانة اللي أسمها أمي مثل ما عرفها ... رغم إن الموت خطفها وهي تولدني ... إلا إني تعلقت فيها من تعلق أبوي ... أصعب أنواع الحب إنك تحب إنسان مجهول ... تبني علاقة مع شخص من خلال بقاياه ... تدري إنك مستحيل تمارس معاه أي نوع من أنواع التواصل ... يعني بالمختصر حب عقيم .
الملل يذبحني يوم بعد يوم ... وحتى جراح اليوم نايم بدري ... حاولت أصحيه وما رضى ... الأفلام كلها شفتها لما زهقت ... وTV ما فيه شي حلو ... وحتى النت يضيق الخلق ... يا ربي ... وش هالملل ؟... الساعة الحين 11 بالليل ... والعشا ما لي عليه نفس ... أعوذ بالله أتعشى بروحي يعني ... والله الوحدة تزهق ... رحت جناح أبوي ... تمددت على سريره ... أنتظره يرجع وأتعشى معاه ... وغطيت في النوم .
صحيت وأنا ما أدري وش كثر نمت ؟... لفيت وجهي ولقيت أبوي نايم جنبي ... ابتسمت ... ليش ما حسيت عليه لما دخل ؟... قعدت أتأمله ... أحب أتامل أبوي وهو نايم ... أنا وأبوي وجراح ... عشنا وحيدين ... دائما كان هو الجزء الأقوى فينا ... منه نستمد كل شجاعتنا ... عمرنا ما شفناه مهزوم أو مكسور ... طول عمره كان في عيونا الإنسان العظيم اللي مستحيل تهتز صورته بأي شكل من الأشكال ... بس لما يكون نايم ... أبوي يكون طفل ... تعبان وهلكان وعفوي ... بعيد عن أقنعة القوة والصبر والتحمل ... اليوم جمعة وبالعادة أبوي يظل نايم للساعة 10 الظهر ...قمت بشويش علشان ما أصحيه ... شفت شي متمدد عالصوفا اللي جنب السرير ... لما قربت منه ... كان جراح متغطي بلحافه ونايم ... ابتسمت ... هذا شلون درى إني نايمة عند أبوي ؟... وأصلا هو متى صحى وجا هنا ؟... يالله على هالولد يحب يقلدني !!
مرت الأيام كالعادة ملل في ملل ... بس الحمد الله وأخيرا رجعت مريم وأهلها ...
ورجعت بالنسبة لي الحياة ... مريم صديقة طفولتي وحياتي الجاية إن شاء الله ... وعن طريقنا تعرف أبوي بإخوانها الكبار ... وصرنا أكثر من الأهل ... الأهل اللي باعونا من سنين وما سألوا عنا لأنهم مو موافقين على تصرفات أبوي اللي من وجهة نظرهم كانت تصرفات طايشة ... صعب جدا لما تكتشف إن أقرب الناس لك يبيعونك برخيص ... والغريب هو اللي شاريك ... طعم مر جدا مستحيل إنك تنساه ... واحساس بالثقة تجاه اللي عزوك في يوم حتى أهلك فيه ذلوك .
متمددة على فراشي ... مية فكرة وفكرة في رأسي ... بكرا راح تكون حفلة نجاحي ... عزمت كل صديقاتي ... وأهل مريم ... وجيرانا ... تعوذت من إبليس ... ونمت ما أبي أكون مرهقة بكرا ... لأني من النوع اللي يبين عليه التعب بسرعة .
الساعة 5 رجعت من المشغل ... بعد ما سويت شعري والميك آب :
_ أهلين يا آنسة ...
_ أهلين سوزان ... هاه وصل كل شي ؟
_ كل شي جاهز ما تأكلي هم ... حتى عمال الشركة هلا خلصوا ... وطلعوا ...
جاء جراح يركض من باب الحديقة :
_ نــــــوف ... جيتي ؟!!.. (سحبني من يدي) ... تعالي ... تعالي شوفي وش سووا بالحديقة ...
وفعلا كانت الحديقة خيال ... كأنها قاعة أفراح ... وتنسيق الطاولات والاضاءة ومكان الدي جي ... كل شي روعة :
_ روعة ...
_ شغلهم حلو ...
_ أحلى من ما توقعت ... ياللــــــــــه ... خل اتصل على أبوي ...
ورفعت الجوال ... صفر جراح وكأنه توه ينتبه :
_ وش هالزين ؟... وش هالزين ؟
دفيته وأنا ابتسم :
_ قوة يبه ...
_ هلا يا أبوي ...
_ يبه الحديقة روعة ...
_ ههههههه ... عجبتك ؟؟
_ موووت ... تهبل ...
_ وكل شي وصلكم ؟
_ كل شي تمام ... تجي تشوف الحديقة ؟
_ لا ما راح أجي ... وخلي جراح يطلع من البيت ... علشان تأخذون راحتكم ...
_ تسلم يا الغالي ... الله لا يحرمني منك ...
_ ولا منك ... تبين شي بعد ؟
_ سلامتك يبه ...
وقفلت الجوال :
_ ليش كل هالكراسي ؟... راح يجونك ناس واجد ؟
_ ما أدري ... الزيادة أحسن من النقصان ... وبعدين تعال أنت وين راح تروح ؟
_ آآآآه ... اتصلت على رائد والشلة كل واحد عنده شغل ومو فاضي ... ما لي إلا أروح عند أبوي ...
بست خده :
_ سوري جراح ... اعذرني ... أحس اليوم قيدتك أنت وأبوي ...
_ لا يا الطيبة عادي ... أهم شي تستانسين ...
_ تسلم يا قلبي ...
وطلع جراح مع السواق أمجد ... صعدت أنا لغرفتي بعد ما شيكت مع سوزان على كل شي ... لبست فستاني ... كان لونه بني كت بدون حتى علاقات ويوصل لفوق ركبتي شوي ... شريته لما كنا في لندن ... لبست عليه جزمة بني فيها كريستال ... ولبست العقد البني الطويل والساعة اللي شراها لي جراح لما نجحت ... شعري كان مثل استايلي كل مرة ... قاصته غجري ومطيرته بالاستشوار ... وميك آب الخبيرة نادين دائما يعجبني موووت .
الساعة 7 جت جارتنا أم عادل وبناتها لطيفة وهيا ... وجت أم أيمن ... لبنانية ولدها أيمن سكرتير أبوي الخاص ... وبعدين جت مريم وأمها وأختها نادية اللي صايرة أم كرشة ... وزوجة مصطفى محاسب أبوي ... وصديقاتي شوق وغادة وابتهال مع أهاليهم ... وأم عصام وزوجة ولدها ... وهذولا ناس جداوية وأبو عصام من أعز أصدقاء أبوي وأكثر اللي وقفوا معاه في بداياته ... طبعا سوزان خبيرة متمرسة بالإشراف على الشغالات والشغل ... فما كان لي مجال أساعدها بشي ... فالتهيت أستانس مع البنات ... تطوعت مريم تكون المشرفة عالدي جي ... طبعا مو من كرمها ... بس علشان ما أحد يقول لها ارقصي وتفشل ... مريم ايقاعها بالرقص معاق جدا ... رقصت أنا وبنات ... طبعا راشد الماجد كان له نصيب الأسد من الأغاني المطلوبة ... يا حليله شعبيته مع البنات ضاربة حيل :
_ آنسة ...
وسحبت سوزان يدي :
_ شنو فيه ؟
_ في ست عم تسأل عليكي ...
طالعت في ساعتي ... الساعة 10 وفوق ... ما توقعت بقى أحد ما جاء :
_ أوكي ...
واتجهت لمدخل الحديقة ... كانت مره كبيرة بالسن ... واقفة وتطالع في ساعة يدها :
_ حياك الله يا خالة ...
ابتسمت غصب :
_ انتي نوف ؟
_ سمي ...
باست خدي بسرعة :
_ مبروك ... عقبال الجامعة إن شاء الله ...
_ الله يبارك فيك ... حياك تفضلي ...
_ يزيد فضلك ... أنا حبيت أجي وأبارك لك ... أبو مساعد حلف علي ما غير أجي وأحضر حفلتك ...
_ أبو مساعد ؟!
_ إيه ... وأنا أم مساعد ... أبو مساعد رفيق أبوك بالشغل ...
_ يا هلا والله ... وللحين واقفة يا خالة ... الله يهداك بس ...
_ والله مستعجلة يا بنيتي ... دوك وألف مبروك إن شاء الله ... (وسلمتني كيس) ...
_ وش ذا ؟
_ هديتك من عمك أبو مساعد ... ولا ترديني ... ترى يزعل مني هاه !!
_ تسلمين ... ما قصرتي ...
_ يالله ... أترخص ...
_ ما مداك يا خالة ... العشا طيب ...
_ كثر الله خيركم ... والله وراي مية شغلة وشغلة ... يالله مع السلامة ...
_ الله معاك ...
ووصلتها للباب ... هالمرة غريبة بشكل :
_ من ذي ؟
تفاجأت بمريم واقفة وراي :
_ بسم الله الرحمن الرحيم ... وراك خرعتيني ...
_ لا تضيعين السالفة ... من هذي ؟
_ والله علمي علمك ... تقول إنها زوجة رفيق أبوي بالشغل ...
_ وعلامها ؟... حتى ما تضيفت ...
_ ما أدري ... أحسها جاية غصب ...
_ ما علينا منها ... اسمعي تعالي أبي أحط أغنية سلمى يا ضي عيوني ...
_ هههههههههه ... أي سلمى انتي ووجهك ... عيب في حريم كبار ...
سحبت يدي :
_ نوف ... تكفين أموت عليك إذا رقصتي دبكة ... تعالي طلعي العرق السوري اللي فيك ...
وبين هبال مريم ... والرقص ... والوناسة ... خلصت الحفلة ... وراحوا الضيوف ... سوزان كانت هلكانة بس خلصت شغل على طول راحت تنام ... جلست في الصالة ... أفكر بالحفلة والوناسة ... صج الوقت مع الفرح يمر بسرعة :
_ السلام عليكم ... وش هالزين ؟!
انتبهت على أبوي يبوس رأسي ... ويقعد جنبي :
_ هلا يبه ...
_ شلون الحفلة ؟
_ تهبل ... استانسنا وناسة ما بعدها ...
_ هههههههههه ... دوم إن شاء الله ...
دخل جراح وكان شكله يضحك ... مر وعلى طول توجه للسلم :
_ شفيه ؟
_ نعسان ... نام بالمكتب وقبل شوي قعدته ... شكله ما شبع ...
_ هههههههههههه ... مسكين ... عاد اليوم هو صاحي من الساعة 8 ...
_ آآآآآآآآآآه ... والله حتى أنا نعسان ...
_ تعشيت يبه ؟
_ الحمد الله ...
_ إيه صح يبه ... اليوم جت وحدة للحفلة ... اسمها أم مساعد ... وقالت إن زوجها رفيقك ...
لحظت وجه أبوي تغير :
_ أم مساعد ؟!... (هزيت رأسي موافقة) ... وش قالت لك ؟
_ باركت لي ... وعطتني هدية ...
وفتحت علبة الطقم الذهب اللي كان جنبي ... شافه أبوي وتغير لونه زيادة ... بس ابتسم غصب:
_ عليك بالعافية ...
_ الله يعافيك ... يبه في شي ؟
_ مثل شنو ؟
_ يعني أحسك متضايق ...
ابتسم ووقف ... مسك رأسي بإيدينه الاثنين وباسه :
_ يتهيأ لك ... قومي ارتاحي ... اليوم تعبتي ... تصبحين على خير ...
_ وأنت من أهله ...
وطلع أبوي السلم ... أقص يدي إذا أبوي ما فيه شي ... ومنو أم مساعد هذي ؟... وليش أبوي ارتبك بس جبت طاريها ... أبوي أعرفه أكثر من نفسي ... أنا عايشت كل لحظات حياته ... كفاحه في الشغل ... مشاكله مع أهله ... حروبه في السوق ... كان يرجع للبيت يلقاني بس أنا ... رغم إني كنت صغيرة بس كان يرتاح لما يفضفض لي ... وتعود يقول لي كل شي ... وتعودت أنا أقرأ في عيونه قبل حتى ما يعترف بلسانه ... أعوذ بالله من الشيطان ... خل أروح أنام أحسن .
المذكرة الثالثة))
قدمنا على الجامعة ... اخترت كلية الآداب لأنه مجال أحبه حيل ... ومريم اقبلوها في التربية ... هالبنت عليها حظ ... نجاحها معجزة وقبولها في الجامعة معجزة أكبر ... أصلا حياتها كلها معجزات في معجزات ... ويمكن تتزوج مدير الجامعة بعد ... ما راح أستغرب .
اليوم اتفقت أمر عليها ... أخذتها ورحنا نتسوق ... بنات وجتهم مناسبة لا تشوفون التخبيص ... تنانير ... بديات ... جزم ... شنط ... اكسسوارات ... وكل الخرابيط ... وبعدين مرينا على المشغل ... ضبطت شعري بقصة حلوة ... وطلعنا للسيارة :
_ آآآآآآآآآآآآآآآآآه ... رجولي تخدرت ...
_ ههههههههههههههههههههه ... بالعكس أنا أحس صرت نشيطة أكثر ...
_ الله يشفيك ... أكثر وحدة تحب التسوق والفرفرة انتي ...
_ وش ورانا يعني ... جاية الدوامات وراح ننحبس اجباري ...
_ نوف واللي يعافيك ... خلي سواقكم يوديني البيت ...
_ ليش ؟!... وعدتيني تتعشين عندي اليوم ...
_ والله ما أقدر ... رجولي مورمة ... شكلي يفشل أنزل بيتكم كذا تقولين عرجا ... مرة ثانية إن شاء الله ...
_ ههههههههههههه ... يعني منو اللي راح يشوفك ... ما فيه غير سوزان ...
_ إلا صج ... وش أخبار أخوك الماصخ ؟
_ هههههههههههههههههههههه ... كرهتيه ؟!
_ يا أختي عليه قلة أدب ... والله يوم رد علي بالماسنجر ... حقدت عليه حقد ... قعد يسب فيني تقولين وحدة من ربعه ...
_ هههههههههههههههههههه ... وانتي بعد ما قصرتي فيه ...
_ يستاهل ... أصلا وش اللي لقفه يقعد على اللاب توب حقك ... ما يعترف بشي اسمه خصوصيات ...
_ هههههههههههههههههههههههه ... عاد تدرين ؟!... ضحك عليك ضحك ... يقول مصدقة نفسها (غرور الورد) أقص يدي إذا ما كانت فجلة ...
_ فجلة في عينه ... صج وقح ...
دفيتها :
_ مو على أخوي ...
_ مالت عليك انتي وأخوك ... مصدق نفسه رجال ... ترى كله ورع ما عدى الـ 15 ... أنا لو معرسة عندي ولد كبره ...
_ لا تحاولين .... عرس ما فيه ... لو تطلع برأسك نخلة ...
رفعت يدينها تدعي :
_ يا رب ... يا رب ... أتزوج بكرا ... ونوف تعنس عند أبوها ...
رجعت البيت وكنت جوعانة ... تعشيت مع جراح ... طلعت لغرفتي أخذت لي شور ... ولبست لي بيجاما أورنج ... وجلست على السرير وفي يدي رواية (أحدب نوتردام) ... شريتها اليوم وأنا في السوق وبديت أقرأ فيها .
أنا إذا اندمجت في كتاب أنسى الوقت ... طالعت الساعة اللي على الكوميدينو ... الحين الساعة 12 بالليل ... أكيد أبوي رجع ... هديت الكتاب ورحت لجناح أبوي في القسم الشرقي من الفيلا ... فتحت باب المدخل بشويش ... كان جالس على الصوفا ... لسا لابس الدشداشة بس رامي الغترة جنبه ... مرجع رأسه ورى وشكله مهموم ... أحس قلبي قبضني ... هالحالة بالنسبة لأبوي تعني انهيار وقلة حيلة ... جلست جنبه وحتى ما أحس :
_ يبه !!
ابتسم غصب :
_ هلا يبه ... صاحية ؟
_ يبه شفيك ؟
ابتسم أكثر ... حط يده على خدي بقوة :
_ ما في شي ... بس جوعان وسوزان نايمة ... روحي سوي لي عشا خفيف ...
أبوي فيه شي ... أدري ... ويبي يصرفني ... بس ما عليه أنا أعرف شلون أتعامل معاه :
_ من عيوني ...
نزلت المطبخ ... وأنا قلقانة ... كوب عصير فريش ... وشوية سندويشات ... أبوي مستحيل يخرب لياقته بالأكل الثقيل قبل النوم ... صعدت ودخلت جناحه ... كان لسا على حاله ... حطيت الصينية قباله ... وجلست جنبه :
_ يا مال العافية ...
_ صحة ...
وبدأ يأكل ... عندي احساس أنه قاعد يأكل غصب ... واحساسي معاه عمره ما خاب .
_ الحمد الله ...
وراح للحمام يغسل ... أحسه قاعد يتهرب ... بس ما عليه مصيره يصارحني ... أخذت الصينية وحطيتها في مطبخ التحضير اللي بالصالة العلوية ... ورجعت مرة ثانية الجناح ... لقيت أبوي ماد سجادته ويصلي ... جلست مرة ثانية عالصوفا :
_ تقبل الله ...
ابتسم وهو يرفع سجادته ويجلس جنبي :
_ منا ومنكم ... شكلك ما راح تنامين ؟!
_ لا ... ما أنام لما أعرف وش فيك ؟
تنهد بألم :
_ نــــــــوف ...
مسكت ذراعه :
_ يبه ... صار لك مدة متضايق ... مو بس اليوم ...
_ مشاكل بالشغل ...
_ لا ... مشاكل الشغل ولا مرة أثرت فيك كذا ... يبه جد وش صاير ؟
ظل يناظر فيني ... حسيت أبوي مكسور ... ولا مرة شفت هالنظرة في عيونه ... أحس قلبي اللي بين ضلوعي ذاب من نار القهر ... ودموعي شوي وتطيح :
_ يبــــــــــــــــــــــه ...
نزل رأسه وهو يفرك ايدينه في بعض ... كان يعظ على شفايفه ... حسيته مقهور حيل ... حطيت يدي في ايدينه :
_ الموضوع يخصني ... (رفع رأسه وكأنه ما تفاجأ من استنتاجي) ... صح ؟
_ توعديني تفكرين في نفسك قبل كل شي ...
ما فهمت وش يقصد :
_ يبه ...
التفت علي وجلس عدل ... شد على ايديني الثنتين بقوة أكبر :
_ اسمعيني يا نوف ... الموضوع هذا ما كنت أبي أفتحه معاك ... صح كان مضايقني ... بس كنت أقدر أتحمله ... بس لأني واثق بعقلك أكثر من ما أثق بنفسي ... راح أصارحك ... بس توعديني تفكرين في نفسك أول شي ... وبعدين فيني ... توعديني ؟
حسيت فعلا أنه شايل هم كبير :
_ أوعدك ...
تنهد وبدأ يتكلم :
_ تذكرين أم مساعد ؟... (هزيت رأسي بالموافقة) ... أبو مساعد زوجها تاجر كبير ... هو الحين من أكبر منافسيني في السوق ... بس في يوم من الأيام كان من اللي ساعدوني ... بنصايحه وخبرته لأنه كان على علاقة مع عماني في فترة من الفترات ... ولما قاطعوني ما دار ظهره وتركني مثلهم ... يمكن علشان مصالحه معاي كانت أكبر من مصالحه معاهم ... ويكمن راهن على نجاحي أكثر منهم ... مهما كانت دوافعه علشاني ولا علشان مصالحه يبقى له موقف حلو معاي ...
كنت أسمع لأبوي بكل انتباه :
_ جزاه الله خير ...
تنهد أكثر وكمل وهو منزل رأسه :
_ من كم شهر ... خطبك مني لواحد من عياله ... يومها كان في المجلس عندي ... وحسيته أحرجني قدام الرياجيل ... وقلت له الله يقدم اللي في الخير ... ومن يومها الرجال يحن علي ... وحتى جية حرمته لحفلتك ما كانت لله ...
تفاجأت ... بس بلعت الغصة ومعاها المفاجأة :
_ وأنت وش رأيك ؟
حط يده على خدي وحسيته في هاللحظة صج مهموم :
_ يا نوف يا يبه ... الزواج عشرة عمر ... اختيار يتوقف عليه كل مستقبلك ... أبو مساعد داخل على مصلحة ... أعرفه ... يا يناسبني وينهي التنافس اللي بينا ونصير حبايب ... ولا أرفض ويقلبها حرب ما يعتبر فيها حتى العشرة اللي كانت بينا قبل ... يا نوف انتي أغلى عندي من أني أبيعك أو أتاجر فيك لحساب مصلحتي ... أنا ما أقول لك هالكلام لأني مو قادر أتصرف مع أبو مساعد ... بس اللي كاسر ظهري وقفته معاي ...
_ وعلشان كذا كنت زعلان ؟
_ وشلون ما تبيني أزعل ... إذا واحد مثل أبو مساعد يفكر يلوي ذراعي بهالطريقة ... تذكرين عمي أبو عادل لما خطبك لولده وانتي لسا في الـ 14 ... كلهم لهم نفس الدافع ... لا حبا فيني ولا في بنتي ... يبون يكسروني بس ... ما كنت أحب أحد يوصل لي عن طريقك إنتي ...
ابتسمت علشان أغير مود أبوي :
_ يعني أنا الحين صرت بالنسبة لك نقطة ضعف ؟!
بادلني الابتسامة وهو يبوس يدي :
_ الزواج يا يبه أصعب من ما تتصورين ... وخصوصا للبنت ... صح الدنيا تغيرت ... بس لسا في أشياء كثيرة ما تغيرت ...
أحس إني فكرت بسرعة ... ليش ما أدري :
_ طيب ... أنت مو تقول أنك واثق بعقلي وتفكيري ؟
_ ههههههههههه ... قلت ...
_ أجل خلاص ... أنا موافقة ...
_ نـــوف ...
مسكت صدره أهديه :
_ يبه ... أنا مصيري أتزوج ... بكرا أو اللي بعده ... فزواجي من ولد أبو مساعد مثل زواجي من غيره وش الفرق يعني ... على الأقل زواجي من ولده له فوائد لك ...
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك