ثاني بنفس الغضب المغلف بالبرود: ياسلام.. خوش عذر..
فاطمة تماسكت شوي فردت عليه ببرود: ثاني أنت وش تبي؟؟.. غيران يعني؟؟ ما أعتقد.. وهالتمثيلية موب لايقة عليك..
ثاني بحزم قاسي: اسمعيني عدل
وكلامي ما أثنيه ولا أعيده.. تحت العبايه فوق العبايه.. تلبسين لبس محتشم هذا أولا..
ثاني شيء وجهج تغطينه.. ياويلج لو شفتج طالعة وإلا داخلة وجهج مكشوف...
فاطمة بغضب: والله أنت خذتني ووجهي مكشوف.. بتجي تحكم فيني الحين..
ثاني ببرود: أمج تقول أنج مصلية.. والفرض مايفوتج.. وحتى قيام الليل تصلينه... الوحدة المصلية يوم يأمرها زوجها بشيء ترد عليه بعشر.. وإلا تطيعه؟؟
فاطمة انقهرت.. عرف يمسكها من يدها اللي توجعها.. ماتقدر تعصاه وهي عارفة أن عصيانه عصيان لربها..
ردت من بين أسنانها: زين ثاني.. بأغطي وجهي دام اسم إنك زوجك.. بس لا طلقتني رجعت أكشفه..
ثاني ضحك ضحكة قصيرة وقال لها بقسوة: ياحليلج ياشاطرة.. ألفتي السالفة وصدقتيها..
طلاق مافيه.. والعرس خلاص بنحدده بداية الإجازة الصيفية لأني سألت أمج وقالت لي هذي أخر سنة لج في الجامعة..
وعقب كمل بأمر حازم: وقومي الحين افسخي عبايتج ووريني الجرح اللي في خصرج لأني ماشفته عدل..
فاطمة بحرج: ثاني أنت عليك يني اسمه افسخي ووريني الجرح... أسفة اسمح لي...
ثاني ببرود: الحين أنا توني شايفه.. وأنا ماقلت لج افسخي ملابسج كلها.. أقول ارفعي طرف التيشرت عن الجرح بس خليني أشوفه..
فاطمة بحرج وخجل: أرجوك ثاني اسمح لي ما أقدر.. وبعدين أنت وش تبي فيه تشوفه؟؟
ثاني ببروده: أظني قلت لج السبب.. الجرح في خصرج.. مثل خدش في سيارتي.. نشيك عليه ليس إلا..
فاطمة ببرود: عندك سالفة غير هذي أو اسمح لي أطلع.. أبي ألحق أخذ شاور قبل صلاة المغرب..
ثاني ببروده المعتاد: أنا بعد باروح أصلي في المسجد القريب من بيتكم.. وعقب بارجع عشان أطلع أنا وياج..
فاطمة برعب: وين نطلع؟؟
ثاني بسخرية: نطلع مثل ماكل الناس المخطوبين يطلعون.. أنا أستأذنت أبوج خلاص..
فاطمة تنهدت: والله هذولاك المخطوبين العاديين.. موب اللي بينهم حرب داحس والغبراء..
ثاني ببرود وسخرية: يعني ماتبين تطلعين معي.. وأبوج اللي استأذنته وش أقول له؟؟ انج زعلانة؟!!
فاطمة ببرود: لا تستخدم ذا الأسلوب معي.. وابوي قل له اللي تبي.. مايهمني.. طلعة معك ماني بطالعة..
قالت كلمتها ووقفت.. تبي تطلع فوق.. عطته ظهرها
لكنها فوجئت باليد القاسية اللي تطبق على عضدها وتلفها وترجعها مكانها بقسوة
وهي تشوف وجه ثاني قريب منها تموج عليه عشرات الانفعالات..
نزلت رأسها بخجل.. لكنها صعقت بيد ثاني اللي دخلها في شعرها وهو يشده لأسفل ويرفع وجهها ناحيته ويقول بقسوة: إياني وياج تسوينها مرة ثانية.... تعطيني ظهرج وأنا أكلمج
أنا زوجج وغصبا عنج تحترميني
المرة ذي باعديها لج..
بس سويها مرة ثانية.. وشوفي اللي بيصير لج..
قال كلمته ثم دفها الكنبة اللي كانت جالسة عليها
وطلع...
أمها رجعت بعد دقايق..
لقت فاطمة جالسة بصمت على الكنبة..
وثاني مو موجود
أمها باستفسار: وين راح ثاني؟؟
فاطمة بجمود: راح يصلي المغرب...
بعد دقايق ثاني في سيارته..
حاسس بتوتر كبير وقلق يجتاحه..
ومشاعر الغضب الغريبة الممزوجة بالحنان الأغرب
تتصارع في نفسه..
(كان المفروض أني عطيتها كف على وجهها
عشان تتجرأ ثاني مرة إنها تعطيني ظهرها وأنا اكلمها)
(هذي أخرتها ثاني
تبي تنزل نفسك لدرجة أنك تضرب مرة)
(جننتني ذا الفاطمة!!
جننتني..
لما أشوفها أحس بكل الرغبات المتضادة تتصارع فيني
يصير نفسي أخانقها
وفي نفس الوقت أحضنها
يصير نفسي أعطيها كف على وجهها
وفي نفس الوقت أغمر ذا الوجه بقبلاتي
يصير نفسي أنفيها خارج حياتي
وفي نفس الوقت احبسها داخل قلبي وروحي
جننتني
جننتني
عمري ماكنت محتار كذا!!)
وثاني في أفكاره الهائجة المضطربة والمتشابكة
شاف أبو صالح جاي ناحية البيت يتسند على ولد جيرانهم..
ثاني نط من سيارته برعب وهو يركض لأبو صالح..
سأل الولد: وش فيه؟؟
الولد بقلق: كان يتقهوى مع أبوي وتعب وقال لي أجيبه للبيت..
ثاني قال للولد: خلاص روح.. مشكور..
وسند هو أبو صالح لين وصله سيارته..
أبو صالح بضعف: وين بنروح؟؟
ثاني بحزم: بنروح للمستشفى..
أبو صالح بتعب: مافيه داعي يا أبوك.. أبي ارتاح شوي بس..
ثاني بحزم أكبر: مايضر ياعمي.. خل نروح نتطمن عليك..
ثاني ركبه جنبه.. ثم ركب وحرك بسرعة..
أبوصالح كان يسكر عيونه ويفتحها.. ويقول كلام غير مفهوم.. ويبتسم.. وقلب ثاني بدأ يرقع بقوة.. وهو يحس بألم عميق ومر
الحالة هذي ماهي بغريبة عليه.. يذكرها عدل قبل حوالي عشر سنين..
لحظات أبوه الأخيرة..
ثاني تنهد بعمق وهو يقول بحزن حز في قلبه لابعد حد: يبه..
قل أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله..
أبو صالح فتح عينه وابتسم بوهن: قلت لي يبه.. طول عمري تمنيت ولد.. والله مارزقني غير فاطمة.. وفاطمة عندي بألف ولد
ثاني بألم مر: وأنت والله العظيم أبوي.. طالبك قل أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله..
أبو صالح رجع يبتسم وهو يقول بصوت خافت واهن عميق:
أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
ثاني حس الحزن يخنق روحه.. ودمعته الغالية تخر من عينه..
مافيه شيء يهز غرور الإنسان وجبروته وطغيانه مثل لحظة الموت.. يرحل الإنسان عن الدنيا عاري مثل مادخلها عاري وغرور الدنيا يبقى في الدنيا..
أبو صالح مسك يد ثاني اللي كانت على قير السيارة وقال له بوهن شديد: تكفى يا ابوك وصاتك فاطمة وأمها.. وصاتك فاطمة وامها.. تراهم من رقبتي في رقبتك..
أم صالح أنا عارف إنها ماعادها بمطولة عقبي..
بس فاطمة أمنتك الله ماتقهرها يوم..
فاطمة ماعرفت غير الدلال.. طالبك ماتغير عليها ولا تحسسها إنها فقدتني..
ثاني بصوت واثق لكن مخنوق بعبراته: ربي يشهد علي أنه فاطمة وامها في رقبتي وأنهم ماينضامون وأنا حي..
وفاطمة في قلبي وعيني.. أنا أبوها وأخوها وزوجها..
ثاني كان يسوق بسرعة صاروخية متوجه لطوارئ مستشفى حمد..
كان متأكد إن أبو صالح في النزع الأخير..
لكن الأمل في قلب الإنسان كان يدفعه للتكذيب..
كان يبي يكذب نفسه.. ويحاول ينقذه من قدره..
بس المكتوب مامنه مهروب
والقدر لازم ينفذ..
وسبحان الدائم الحي الذي لا يموت..
مع وقوفه قدام بوابة الطوارئ كان أبو صالح يشهق ويتشهد
ويرتعش ارتعاشته الأخيرة..
#أنفاس_قطر#
بعد الغياب/ الجزء المئة وأربعة وعشرون
#أنفاس_قطر#
بعد حوالي 3 ساعات..
في بيت أبو صالح..
فاطمة وأمها كانوا منتهين من القلق..
كانوا يدقون على أبو صالح وموبايله مقفول..
المستشفى عطوا ثاني أغراضه كلها
وحطوه في الثلاجة استعدادا لدفنه ثاني يوم الصبح
خذ موبايله وقفله..
وأتصل في رياجيل خوات أبو صالح وخوات أم صالح اللي كان خذ ارقام بعضهم يوم عشاء الملكة..
عشان يبلغون زوجاتهم.. ويروحون لفاطمة وأمها يبلغونهم ويهدونهم..
ثاني كره أنه هو اللي يبلغهم أو يشوف لحظة انهيارهم..
لكنه في نفس الوقت حس إنهم مسؤوليته وانه من مسؤوليته أنه يطمن قلوبهم ويهديهم..
ثاني توجه لبيت أبو صالح..
كان متوقع إنه بيلاقي الناس عندهم..
لكنه مالقى حد.. خوات أبو صالح وأم صالح كلهم كانوا متحطمين.. وماكان حد منهم يبي يكون في وجه المدفع لما فاطمة وأمها يعرفون بالخبر..
ثاني اتصل بزوج أكبر وحدة في خوات أبو صالح وهو اللي بلغه إن زوجته منهارة من الخبر وموب مستعدة انها هي اللي تبلغ فاطمة وأم صالح
ثاني سمى بسم الله الرحمن الرحيم.. تنهد بعمق
وفتح باب الصالة ودخل وهو حاس إن داخله يذوب حزن وتوتر..
لقى أم صالح وفاطمة قاعدين في الصالة متوترين
أول ما انفتح الباب نطوا يحسبونه أبو صالح..
أول ماشافوا وجه ثاني المتغير
ما احتاجوا حد يقول لهم إن وراه مصيبة
فاطمة نطت لثاني وهي تقول بصوت مخنوق مكتوم مرعوب من القادم ومن المجهول: ثاني وين أبوي؟؟ وين أبوي؟؟
ثاني بصوت مطمئن: "قل يأيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية.. فادخلي في عبادي وادخلي جنتي"
أبشركم بحسن خاتمته..
أم صالح رجعت تجلس وهي تقول بهدوء وإيمان كبير: إنما الصبر عند الصدمة الأولى
إنّا لله وإنّا إليه راجعون
اللهم أجرنا في مصيبتنا وتجاوز عنه واخلفه خيرا منا..
ثاني كانت عينه على فاطمة ينتظر ردة فعلها بتوتر وقلق وحزن
فاطمة سكتت دقايق مثل تمثال سُحبت منه الروح..
مخلوق جامد لا تبدو عليه أي بوادر للحياة
ثم توسعت عيونها وهي تصرخ برعب موجع مر هادر:
يـــــــــــبــــــــــــــــــــــه..
يـــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــ ـــــــه
يــــــــــــــــــــــــــــــــــــبــــــــــــ ـــــــــــــــــــــه
وين رحت وخليتني يبه..
وين رحت وخليتني؟؟؟
ورفعت يديها لوجهها تبي تلطمه..
لكن ثاني تحرك بسرعة وكتف ايديها وهو يقول بحزم:
إلا اللطم والعويل.. إلا اللطم والعويل..
ابكي بس لا تلطمين ولا تعولين..
فاطمة رفست ورفست وهي تصارخ:
خلني.. مالك شغل فيني..
خلني.. أنا أكرهك.. اكرهك
اطلع من بيتنا.. اطلع..
فكني.. فكني..
أكرهك.. أكرهك
فكني..فكني
وثاني مستمر بتكتيفها
وأمها تطالعها بدموعها الصامتة وهي تكرر جملة واحدة
" إنّا لله وإنّا إليه راجعون"
فاطمة بدت تهدأ وصراخها يتحول لرجاءات موجعة:
تكفى ثاني هدني.. خلاص..
تكفى.. هدني
ثاني هدها ولفها ناحيته
فاطمة رمت نفسها على صدره وهي تبكي بكاء خافت موجع..
ثاني سحبها وجلسها على الكنبة وهو حاضنها وهي حاضنته من خصره بقوة.. وهو يهمس لها بحنان وحزن: ابكي.. وعبري عن حزنج.. بس أوعديني لا تلطمين ولا تعولين عليه.. أطلبي له الرحمة.. هذا اللي هو يبيه منكم
ولا تحاتين شيء أنتي وأمي .. أنتو في ذمتي أنا
وأنا مكان أبوج.. لا تشيلين هم الدنيا وأنا راسي يشم الهوا..
فاطمة شددت احتضانها لخصره وهي تبكي أكثر..
وثاني يحضنها بقوة أكبر وحنان أكبر وأكبر..
خلصت أيام العزاء الثلاثة
وأصبحنا بعد وفاة أبو صالح بأسبوع
خلال أيام العزاء بيت أبو صالح مافضا من الناس.. مها ومنيرة ماتركوا فاطمة دقيقة وحدة حتى كانوا ينامون عندها..
منيرة رجعت لبيتها بعد أيام العزاء.. بس مها بعدها تنام عندها لحد الحين.. وحتى خالاتها وعماتها وبناتهم بعدهم ينامون عندهم لحد الحين
ماكانوا حابين يتركونهم للهواجس والأحزان..
الكل جاء وعزا..
حتى جواهر اللي كانت بعدها نفاس..
جات خلال أيام العزاء الثلاثة..
وحضورها وكلامها المطمئن كان له تأثيره البالغ على فاطمة
لأن مافيه حد ذاق الفقد والوجع مثل جواهر
وصبرت على كل شيء مرت فيه..
ثاني ماشافته من عقب أول يوم..
ثاني هو اللي قام بعزاء الرجال كامل كأنه هو فعلا ولد ابوصالح..
لكنه بعدها ماظهر في بيت أبوصالح ولا حتى اتصل..
كان يسأل عنهم عائشة اللي كانت تطمنه انهم متصبرين ومحتسبين مصيبتهم عند الله سبحانه..
بعد أسبوع..
ثاني اتصل على فاطمة..
وطلب منها تجيه في المقلط..
فاطمة في داخلها كانت ماخذها على خاطرها شوي
إنه له أسبوع لا سأل ولا طل..
فاطمة دخلت بتردد للمقلط بعبايتها وشيلتها..
ثاني كان قاعد على الكنبة..
لما شافها دخلت.. وقف..
مضت لحظات وكل واحد منهم يسبر ملامح الثاني..
فاطمة حست بألم غير مفهوم.. وهي تشوف لحيته نامية وغير مشذبة.. وشكله باين عليه التعب..
وهو حس بألم أكبر وهو يشوف وجهها المرهق بآثار البكاء والسهر الطويل عليه..
ما احتاجوا يتكلمون او يتعاتبون..
ثاني فتح ذراعيه لها وهي استجابت لدعوته.. ورمت نفسها على صدره
حضنها بحنان وهي بدت دموعها تنسكب بصمت..
فلتها بالراحة وهو يطالع في وجهها
مسح دموعها بكفوفه بكل حنان
وهمس لها: أشلونج حبيبتي؟؟
"حبيبتي!"
(يا الله.. ما أعذب ذا الكلمة من بين شفايفه)
يتبع ,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك