فقالت له: لا تسأل ،وارجوك ان تسير الى الامام وان لا تنظر خلفك حتى ولو بمرآة السيارة...
سار فارس وتركها بجانب الطريق وتجنب النظر الى الخلف حتى ابتعد عنها...واخذ يفكر طوال الطريق كيف يستطيع ان يقنع عائلته بحضور زفافه داخل مقبرة وماذا سيقول لهم ؟.
وصل فارس الى البيت وجلس يفكر قليلا وقرر ان يحدث امه بهذا الموضوع خاصة وان امه هي الوحيدة التي تعرف بـ "لعنة جورجيت"احتار فارس كيف يبدأ معها الحديث ولم ينس بعد ما حدث لها حينما تحدث معها بهذا الموضوع وانه وعدها بأن لا يتحدث بشأنه امامها.. قرر فارس انه لا بد من ذلك وتوجه الى حيث تقعد امه وقال لها...:"يا امي بدي احكي معك بموضوع انا وعدتك وبعرف انك ما بتحبي تسمعيه ..!!!"
احتدت ام فارس وقالت له:"بدك تحكي بموضوع "جورجيت" انا ما عندي اشي احكيلك اياه انا حكيتلك كل اللي بعرفو وانت عمرك ما تراح تصدق ..انت راسك ناشف وحترجع تقل لي هاي قصص عواجيز ما بتخوف...انتو يا اولاد المدارس ما بتصدقوا انو في اشياء كثيرة ممكن تصير وبتفكروا حالكم انتم بس اللي بتفهموا .."
ربت فارس على كتف امه وقال لها:يا امي انا مصدق كل اشي عن قصة جورجيت ..وانت ما كذبت علّي وكل كلامك مزبوط..
نظرت اليه وقالت: "طيب يا امي ما دمت مصدق اعمل زي ما قلتلك وسافر لبعيد ولا تخلي جورجيت تعرف محلك بلك الله نجاك منها" ..امسك فارس بيد امه وقال :"لا تخافي يا امي ، جورجيت ماتت واللعنة حتخلص قريب كثير".
قاطعته امه قائلة :"ارجعت تحكي لي جورجيت ماتت والبنت الحلوة اللي حكيت لي انها اعطتك صورة ابوك وجدك ما هاي هي جورجيت ،ليش ما بتصدق ؟ قلتلك جورجيت ما بتموت...!
فقال فارس: لا يا امي فش حدا ما بموت، وكمان مش معقول بعد مية سنة جورجيت تكون لسه عايشة ،والبنت الحلوة اللي حكيتلك عنها هاي مش جورجيت هاي اسمها ياسمين ..وجورجيت بتكون ستها..
فقاطعته امه وقالت:لا يمه لا تصدق هاي جورجيت ..
فرد فارس:يا امي انا صرت بعرف بالقصة اكثر منك هاي بنت بنتها وانا بحبها وراح اتجوزها.
فقالت الام وهي تبكي:بدك تتجوزها يمه ..هاي جاي تنتقم منك لانك من ولاد الدهري لا تصدقها يمه ..!!
فقال فارس:صدقيني يمه لو بدها تعمل فّي اشي كان عملت زمان وما في حد منعها ..افهميني الله يخليكي يا امي بعد ما اتجوز ياسمين راح تنتهي اللعنة كلها ..وفي اشياء كثيرة ما بتعرفيها انت بس انت اطمئني ولا تخافي.
صمتت ام فارس وهي لا تدري ماذا تقول او تفعل وايمانها كبير بأن ما سيرسمه القدر لا يمكن ان تغيره..وشرد فارس بخياله هو ايضا فهو لا يدري كيف سيشرح لامه بأن زواجه من ياسمين لا يتم الا بشروط واحداها ان الزواج سيكون في احد المقابر وفي ساعات الليل.
وتجرأ فارس وبدأ يشرح لامه محاولا اقناعها بطريقة الزواج الغريبة ولكنه فوجيء بأن امه اخذت تصرخ وكاد ان يغمي عليها فور سماعها لما قاله وعبثا حاول فارس ان يهدئها ..وبالرغم انه قال لها انه بيمزح لا اكثر ولا اقل ولكن امه ظلت تصرخ وتبكي بصوت عال واستسلم فارس وتركها لتهدأ لوحدها ،وفي هذه الاجواء المشحونة بالبكاء والصراخ دخل علاء الاخ الاصغر لفارس الغرفة ليستوضح سبب بكاء امه وصراخها...!!
وقبل ان يسأل قالت امه :شايف يا علاء اخوك فارس انجن وبدو يجننا معاه ...بدو يتجوز في المقابر ..اخوك هذا بدو مستشفى مجانين.. "جورجيت" طيرت مخو من راسه..
اخذ علاء يهدىء من روع امه وهو يزم على شفتيه محاولا حبس ضحكته مما سمعه منها ...هدأت امه واصطحبها الى شرفة المنزل لتستنشق قليلا من الهواء وعاد الى فارس ليسأله عما يحدث....فأجابه فارس:لا شيء يا علاء لا شيء ..فأصر علاء ان يعرف القصة والسبب الذي دفع امه لتصاب بهذه الهستيريا..فقال له فارس بانه لا توجد اية قصة وان كل ما فّي الموضوع انه يحب فتاة ويريد ان يتزوجها واشترطت هذه الفتاة ان يتم الزفاف في احدى المقابر..
حاول علاء ان لا يضحك ولكنه لم يستطع واستفز فارس من ضحك علاء وهم بمغادرة البيت الا ان علاء امسك بيده وقال له: "لا تزعل يا فارس ولا تلومني مهو يا بضحك يا بصير اصرخ وألطم على وجهي زي امك"..الطريقة التي تحدث بها علاء جعلت فارس يضحك هو ايضا وجلس وقال لعلاء:معك حق تضحك بس افرض اني انا بمشكلة كبيرة وهالمشكلة هاي ما بحلها الا اني اتجوز في المقبرة ...انت بتساعدني وبتيجي معي ولا لأ..؟!!
صمت علاء قليلا وبداخله اعتقد ان اخاه فارس يمزح لا اكثر ولا اقل وفكر ان لم يكن فارس يمزح فهو فعلا قد جن وقال لفارس:
"طبعا انا معك وانا جاهز اروح معك وين ما بدك".
لم يخف على فارس ما فكر به علاء وابتسم وقال له:"انا بمزح يا علاء بمزح" وخرج فارس وركب سيارته واخذ يتجول من شارع الى اخر وهو يفكر ماذا يستطيع ان يفعل وقد اغلقت امامه كل الابواب فهو لم يستطع ان يقنع امه واخاه وهما اقرب الناس ...وتذكر فارس غضب امه وعاد الى البيت مسرعا خشية ان تحكي امه قصة جورجيت لعلاء ، خاصة ان علاء لا يعرف عن هذا الموضوع شيئا. توجه فارس لامه فوجدها لا تزال تبكي وهي تجلس مع علاء ..فاقترب فارس منهما وهو يدعو الله ان لا تكون امه قد قالت شيئآً لاخيه ..فجلس معهم واكتشف ان امه لم تحك لعلاء سوى ان فارس "بحب بنت غريبة وراح تجننه" ...وشاركهما فارس الحديث واطمئن حينما شعر بأن امه حريصه اكثر منه ان لا يعرف علاء ان فارس من عائلة اخرى غير عائلته...خرج فارس مره اخرى وسار بالسيارة لساعات وبعد ذلك اوقف السيارة واخذ يسير على قدميه حتى ساعات متأخرة من الليل وهو شارد الذهن يسير الى حيث تأخذه قدماه ..ولم يقطع شروده وسرحانه الا صوت مفاجيء جاءه من الخلف :"فارس لا تطلع وراك" ،وفور سماع صوت ياسمين الذي ميزه فارس بسرعة تلفت خلفه ليراها تسير بعيدة عنه عدة اقدام...اقتربت ياسمين من فارس وسارت بجانبه وطلبت منه ان يستمر في سيره ..وقالت له غاضبة: انت وعدتني لما اطلب منك ما تطلع وراك مش راح تطلع ليش اطلعت وراك ليش ما حافظت على وعدك انا كيف بدي اثق فيك واركن عليك ولسه ما مر يوم على وعدك وانسيتو...
قاطعها فارس وقال لها: "ما صار شيء يستحق كل هالزعل انسيت وطلعت شو صار.. طارت الدنيا".
فقالت ياسمين:"يا فارس لا تستهتر بالامور انا طلبت منك اشي .. سويه وبس..."
فقال فارس محاولا ان يحسم الموضوع: "حاضر والله العظيم ما راح اتطلع وراي واعتبريها اخر مرة .."!
فقالت ياسمين: طيب يا فارس بس بحب احكيلك اني انا ما بعرف شو حيصير في وحده من المرات اللي بطلب منك فيها ما تّطلع وراك وتنسى انت وتطلع لا تستغرب ان قلتلك انو ممكن يصير اشي كثير مش مليح علشأنك وعلشاني..
فقال فارس: حاضر حاضر مش راح انسى.
فقالت ياسمين وهي تضحك: "المهم حكيت مع حماتي على العرس؟...اكيد انبسطت كثير."
فقال فارس :انبسطت كثير كثير ومن الفرحة كان راح يغمى عليها.
فقالت ياسمين: بعرف قديش فرحت هي وكمان اخوك علاء ما في داعي تحكيلي المهم انت بعد فشلك الكبير مع امك واخوك شو راح تسوي ...؟
فقال فارس مستغربا: اول شيء انا بدي اعرف هلأ كيف انت بتعرفي شو صار بيني وبين امي واخوي وانا تاركك جنب جبل الطور؟
فهزت ياسمين رأسها وقالت ..انا ما بعرف اعتبرني خمنت مش اكثر ، المهم شو راح تسوي ..
فقال: فش امل مستحيل ، هاي فكرة مجنونة ولازم اول ينجنو علشان يوافقو... !
ضحكت ياسمين وقالت: طيب بسيطه خليهم ينجنو وهيك انحلت المشكلة واذا بدك بساعدك.."!
فقال فارس: انك تجننيهم ما عنديش شك انه بطلع بايدك وزيادة يا ياسمين ..لازم انسى هالموضوع ، ما بدي يصير بأمي اشي بسببي .."... ......
يتبع....
فقالت ياسمين: سلامتها حماتي وانا كمان ما بدي يصير فيها اشي واكثر من هيك انا كمان حساعدك وحخليلك امك تنسى كل اشي بتعرفو عن هالموضوع من اولو لاخره ومن اول يوم عرفت فيه ابن الدهري لليوم ..هذا واكثر من هيك.. كمان ما في داعي انها تيجي وتحضر عرسك بالمقبرة ..شرط العجوز انو يحضروا تسع انفار من طرفك ..ومش ضروري امك تكون بينهم...فكر فارس قليلا وقال: "ولا اخوي علاء .."
فقالت ياسمين :وكمان علاء ما في داعي ييجي...
فقال فارس: طيب ما بنفع اكون انا لوحدي وتخلص هالمشكلة"!؟
فقالت ياسمين: لو هالموضوع بأيدي بينفع بس الشرط شرط تسع انفار من طرفك لازم يحضرو مش مهم شو يكونو ..اقاربك او معارفك او اصحابك .. انت حر اختار اللي يناسبك.
لمعت برأس فارس فكرة ان يقوم بأستئجار تسعة اشخاص ما دام لا يهم من يكونوا بالنسبة له مقابل النقود وليس من المستحيل ان يقنع تسعة اشخاص او عشرة ولكن فرحته تلاشت حينما فكر بانه يحتاج الى مبلغ كبير ليستطيع اغراء الاشخاص بحضور حفل زفافه داخل المقبرة خاصة وان ظروفه المالية في الآونة الاخيرة سيئة جدا.
فشرح لياسمين فكرته وقال لها انه سيضطر لبيع سيارته ليوفر مبلغا قد يكون كافيا ..
فقالت ياسمين: اذا المشكلة مشكلة فلوس انا بقدر اساعدك واكملت مازحة : انا كنت اوفر المصروف اللي بوخذو من امي لهيك يوم..
فضحك فارس وقال: على هيك انت موفرة مبلغ كبير ...يعني ممكن الاقي معك مية دولار..
فاخذت ياسمين تحسس على اصابعها وهي تضحك ممكن اكثر شوي...!
فقال فارس: اكثر بقديش يعني؟...ممكن يكفو لعشا في مطعم على مستوى..؟
فقالت ياسمين: اه بيكفو نتعشى في مطعم واذا بدك كمان بتقدر غير ثمن العشاء ..تشتري كل مدينة الناصرة وحيفا كمان...
فضحك فارس لكلام ياسمين وقد ظن انها تمزح...فقالت له بجدية: "على فكرة انا ما بمزح "..اذا كان الموضوع موضوع فلوس انا واختي عندنا ذهب بشتري الناصرة وحيفا واكثر من هيك وعمرو ما كان له قيمة ..وعمرنا ما فكرنا انو بسوى يوم واحد نعيشو بالنور مثل الناس..لا تبيع السيارة ولما تروح على البيت حتلقى المشكلة محلولة ...بس لا تنسى انو الاشخاص اللي بدك تستأجرهم علشان يحضرو عرسك لازم يعرفو بالاول انهم جايين على عرس فيه عريس وفيه عروس ومش على مزحه ولا على لعبه ولو انسحب واحد منهم بارادتو حيفشل كل اشي يا فارس"
...استمر فارس وياسمين بالسير وتوقفت ياسمين فجأة وسار فارس عدة خطوات واراد ان يتلفت الى الخلف ليرى لماذا توقفت ولكنها قالت له قبل ان يتلفت ...فارس لا تتطلع وراك..!
شد الفضول فارس لينظر الى الخلف ولكنه تذكر تحذيرها له واستمر بالسير وهي تسير خلفه دون ان يراها وتحدثه ويتحدث معها..حتى توقف الحديث فجأة ووقف فارس دون ان يتلفت الى الخلف لعدة دقائق وهو يقول :ياسمين.. ان كنتي لساتك وراي احكي "..فلم يتلق فارس أي جواب واستمر بالسير الى الامام دون ان يلتفت الى الخلف وسار بشكل دائري حتى وصل الى سيارته وركبها وعاد الى البيت ووجد ان امه واخاه نائمان.... فدخل لينام ففوجيء بانه رأى على سريره مجموعة من القطع الذهبية القديمة.. وللحظة لم يعلم كيف وصلت الى غرفته وهم بأن يذهب ويسأل امه واخاه ولكنه تذكر ان ياسمين "ام الجماجم" قالت له انه حينما يصل الى البيت سيجد ان مشكلة الفلوس قد حلت .
لم يستغرب فارس قيام ياسمين بإحضار قطع الذهب ولكن ما اثار دهشته هي كيف استطاعت ادخالها الى غرفته وهو قد تركها خلفه؟ ..تحسس فارس القطع الذهبية بأصابعه...وفكر كثيرا وقال لنفسه:
لو ان ياسمين "ام الجماجم" صادقة في ما قالته فسيصبح اغنى رجل في البلاد...في صباح اليوم التالي توجه فارس الى احد محلات المجوهرات في مدينة االناصرة واطلع صاحبها على احدى القطع وبعد ان تفحصها صاحب المحل قال لفارس انه يعتقد انها تساوي الكثير وعرض على فارس مبلغا من المال مقابلها الا ان فارس وجد المبلغ تافها وتوجه الى آخر فدفع له مبلغا اكبر فباعه جميع القطع التي معه بمبلغ يزيد عن العشرة الاف دولار ..سار فارس وقرر ان يتوجه الى احد اصدقائه السابقين ليساعده في جلب التسعة اشخاص لحضور زفافه في المقبرة مقابل المال حيث التقى صديقه ذا العلاقات الاجتماعية العديدة وطلب منه المساعدة ..صديق فارس استعد لأن يقوم بمساعدته شريطة ان يقنعه فارس اولا بالسبب الحقيقي ..حاول فارس ان يقنع صديقه بأن الموضوع هو زفاف فقط اشترط ان يتم في مقبرة ويجب ان يكون هناك من طرفه تسعة اشخاص.. ولكن صديق فارس لم يقتنع ولم يضحك فقد ظن ان الامر اكبر من هذا بكثير وبعد جدل طويل بين فارس وصديقه اتفق الاثنان على ان يتم الامر وان يقوم صديق فارس بالبحث عن الاشخاص الملائمين لهذه المهمة واعطاه فارس الف دولار تحت الحساب...وتركه على ان يعود اليه في الغد.
وفي اليوم التالي حضر صديق فارس الى بيته واخبر فارس وهو يضحك بانه استحال عليه اقناع أي شخص بهذه الفكرة وقال لفارس : ولكن الطريقة الوحيدة التي استطيع بها اقناع هؤلاء هو ان تحضر "كاميرا فيديو" لتقول لهم بأننا سنصور مقطعا من فيلم او ما شابه ...اقتنع فارس بالفكرة وقال لصديقه: ليكن ذلك ثم غادر صديق فارس ليكمل المهمة..وجلس فارس في حديقة المنزل ينتظر امه لتحضر له فنجان القهوة وفي الشارع المحاذي للحديقة توقفت سيارة تكسي وترجلت منها ياسمين ذات الخمار وتوجهت الى حيث يجلس فارس في الحديقة التي لا تبعد عن الشارع سوى عدة اقدام.. رآها فارس واخذ يتلفت حوله خشية ان تكون امه قد رأتها..
اقتربت ياسمين من فارس وقالت له: شو قصتك ليش بتتلفت حواليك ؟
فوقف فارس وقال لها: هيا لندخل الى غرفتي بسرعة قبل ان تراك امي..لم تأبه ياسمين بطلب فارس وجلست في الحديقة وقالت له: انت بتعرف مليح انو شكلي حلو وما بخوف ولا بعيب كمان علشان تخبيني عن اهلك وجيرانك يا فارس..
فرد فارس :"انت عارفه اني ما بقصد هيك..وانت فاهمة انا شو بقصد.. امي بتعرف انت مين وما بدي اياها تخاف ..
فقالت ياسمين: انا ما بخوف يا فارس
فقال فارس: طيب على راحتك اقعدي وين ما بدك وانا داخل اجيبلك القهوة
فقالت :لا تغلب حالك خليك قاعد ..امك هلأ بتطلع وبتجيبها الا اذا كان قصدك تدخل علشان امك ما تطلع بره.
حك فارس رأسه بيده ففعلا هذا ما قصده وعاد وجلس بجوار ياسمين وهو يفكر ماذا سيحدث الان حينما تخرج امه وترى ياسمين ذات الخمار ...قالت له ياسمين:
لا تفكر كثير يا فارس بس بعتقد انو بكفي ولازم تواجه الامور شوي ..
فقال فارس :هاي امي يا ياسمين وما بدي...
فقاطعته ياسمين : ما بدك شو يا فارس ؟..ما بدك تشوفني بس اول على اخر راح تشوفني ولا بدك تظل مخبيني طول عمرك..؟
فقال فارس:لو ما بتعرف في القصة مش مشكلة ..صحيح يا ياسمين انت وعدتيني انك حتنسي امي كل قصة الدهري وجورجيت وحتنسي كل شيء ..فقالت ياسمين:انا ما وعدتك يا فارس انا قلتلك حساعدك اني اخلي امك تنسى قصة الدهري من اولها لاخرها ..بس اسم جورجيت احنا بنذكر الناس فيه مش بنسيهم اياه ...انا حساعدك بس مش مستعدة اشعر انو امك احسن من امي واول اشي لازم تتعرف عليّ على حقيقتي ..ياسمين بنت لعنة بنت جورجيت وانو هاي اللي راح يتجوزها ابنها فارس علشان يا فارس انا فخورة بأهلي وما بدي اشعر في المستقبل وبعد سنين انو اقرب الناس لألك ما كان يعرف مين انا ..انا موافقة اني اتجوزك بدون ما حد يحضر من اهلك بس لازم حد من اهلك يتعرف على اللي حتصير زوجة ابنهم بعد هيك انا حساعدك انها تنسى كل اشي ولما نخلف بنتنا الامورة ونسميها "جورجيت".. امك حتكون ستها وان كانت ناسية حتذكر اول ما تشوف بنتنا الصغيرة الامورة جورجيت.
صمت فارس قليلا ثم وقف وقال لياسمين:
"معك حق يا ياسمين انا لازم اواجه الموقف ولازم اعرف امي عليكي..دخل فارس الى البيت ووجد امه قد وضعت فنجان القهوة على الطاولة وجلست تضع يدها على خدها كئيبة حزينة ..
اقترب منها فارس وقال لها :مالك "يما" ليش هيك قاعدة حزينة انا عندي برة ضيوف وبدي اعرفك عليهم..
هزت ام فارس رأسها :"شفتها يمه ..شفتها من الشباك لما اجيت بدي اطلعلك القهوة الله يستر من اللي حيصير.
فقال فارس:لا يما لا تخافي ولازم اعرفك عليها هاي ياسمين وراح اتجوزها الاسبوع هادا ودار حوار بين فارس وامه التي يتملكها شعور بأن ابنها ذاهب الى الهلاك ..امسك فارس بيد امه وخرج معها الى الحديقة حيث تجلس ياسمين اقترب منها وقال: "هاي امي يا ياسمين وهاي ياسمين يمه..."
ابتسمت ام فارس وهزت برأسها وقالت اهلا وسهلا وابتسمت ياسمين وهزت برأسها هي الاخرى مقلده ام فارس وقالت اهلا فيكي ..واخذ فارس يعرف الواحدة على الاخرى ويمهد الاجواء لتتحدث الواحدة مع الاخرى..
وقالت ام فارس ببساطة ومن منطلق خوفها على فارس والله فارس بحبك كثير وفارس كان صغير وما لو دخل في اللي عملوا سيدو سالم معك..
قاطع فارس امه بسرعة وقال :"يمه انا قلتلك هاي ياسمين بنت بنت جورجيت ومش جورجيت "...فقالت ياسمين موجهة كلامها لام فارس :
"انا بعرف انو فارس بحبني وكمان انا بحبو علشان هيك بدنا نتجوز ...فقالت ام فارس :والله هالصوت اسمعتو قبل هالمرة والله هالصوت اجاني وانا نايمة وانا صاحية ومش ممكن انساه هادا صوت جورجيت..
اراد فارس ان يتكلم ولكن ياسمين سبقته وقالت انا الي الفخر انو صوتي يشبه صوت ستي جورجيت وحكون سعيدة اكثر اذا كان صوت بنتنا انا وفارس بطلع مثل صوت ستي جورجيت..!
فقالت ام فارس :حرام فارس ما الو ذنب في اللي صار..
ردت ياسمين ثانية:وشو شايفيتني بدي اوكلو.
تدخل فارس بسرعة حتى لا يحتد النقاش اكثر بين امه التي لا تريد ان تقتنع بأن التي تراها هي حفيدة جورجيت وليست جورجيت ..وبين ياسمين ..وانتهى النقاش في اجواء متوترة..ودخلت ام فارس الى البيت تاركة خلفها ياسمين وفارس في جو مضطرب.
فقال فارس محاولا تهدئة ياسمين:انت مش لازم تزعلي من امي.. القصة كلها مخربطة حياتها وبلهجة كان واضحا منها ان الدموع قد انهمرت من عينيها رغم ان الخمار كان يخفي كل شيء ..
قالت ياسمين : انا كمان انسانة ومش مجبورة افهم الناس وما يفهموني.. انت شفت امك كيف بتطلع عليّ شو انا مش انسانة؟.. لم يكترث فارس او نسي انه يجلس في الحديقة واقترب من ياسمين وضمها اليه محاولا ان يخفف عنها ويهدئها ..كان واضحا ان ما قام به فارس ساعد على تهدئة ياسمين ثم اخذ يمازحها لدقائق طويلة حتى استطاع ان يدفعها لتطلق ضحكة اعادت الاجواء الى طبيعتها ،
وقالت مازحة: فارس امك بتتخايلك جاجة وبتفكر اني راح اوكلك..ضحك فارس وضحكت ياسمين ومن ثم اخرجت من عبائتها "قلادة" غلب عليها اللون الازرق مع الفضة وناولتها لفارس وقالت له :..خذ هاي القلادة وحطها في البيت وما دامت في البيت ..امك مش راح تتذكر أي شيء يخص هالقصة ومش راح تتذكرني حتى لو شافتني مرة تانية ..راح ترجع تتذكر بس نخلف بنتنا.
اخذ فارس القلادة ودخل وخبأها في البيت وخرج الى ياسمين وقال لها :انت متأكدة انها مش راح تتذكر أي شيء ؟ ..فقالت ياسمين بتحب تجرب جرب وروح ناديها بس انا بنصحك بلاش ...فقال فارس: "راح اناديها" شو بدو يصير اكثر من اللي صار ودخل الى البيت بسرعة واصطحب امه معه الى حيث ياسمين ووقف ينظر الى امه ليرى ماذا سيحدث ..نظرت ام فارس الى ياسمين بأستغراب وكأنها تراها للمرة الاولى..ونظرت الى فارس وعيونها تتساءلان من هي؟.. فرح فارس لأن امه لا تتذكر وقال لها بسرعة: "هاي ياسمين يمه" ..فقالت الام :اهلا وسهلا يا بنتي ليش قاعدين بره؟..تفضلوا ادخلوا"
ف_قالت ياسمين متعمدة..معلش يا حماتي احنا مستعجلين بكره برجع عندك"
..استغربت ام فارس من كلمة"حماتي" وقبل ان تستوضح ،سبقتها ياسمين وقالت : مالك يا حماتي؟.. شو فارس ما حكالك انوا احنا مخطوبين وراح نتجوز الاسبوع الجاي واحتمال نسكن عندك في البيت ..مش معقول انو فارس نسي يحكيلك..يا الله يا فارس احكيلها..واحكيلها كمان انك حلفت علي بالطلاق انو ما حد يشوف مني شيء حتى عيوني وأولهم امك..معقول يا فارس امك "حماتي" ما تشوفني؟ بلكي انا لوقة ولا حوله كيف بدها تعرف؟.. طيب انا راح استناك في السيارة احكي لامك ولا تتأخر عليّ..!
توجهت ياسمين الى السيارة ووقف فارس امام امه وهو لا يدري كيف يخرج من هذه الورطة الكبيرة ..بقيت عيون ام فارس تراقب ياسمين حتى أطمانت الى انها ابتعدت ونظرت الى فارس غاضبة وقالت:شو اللي بتقولوا هاي المجنونة يا فارس؟
ضحك فارس وقال:"هاي بتمزح هلأ بوصلها بسرعة وبرجع احكيلك.."
واسرع فارس بإتجاه السيارة حتى لا يعطي امه فرصة لتتحدث ..ركب السيارة وقادها فقالت له ياسمين :"انا نصحتك وانت ما سمعت ..!".
فقال لها:ولا يهمك لازم اتعود على افلامك ..
فقالت ياسمين :طيب خلينا في المهم..العرس يوم الثلاثاء الساعة (03،11 ) بالليل يعني بعد اربعة ايام..في مقبرة الارقام..جاهز يا فارس؟
فأخبرها فارس بانه جاهز وان الاشخاص المطلوبين لهذه المهمة ايضا جاهزون ...فقالت ياسمين :
"فارس.. في شغله مهمة لازم تتذكرها مليح ..الاشخاص اللي انت جايبهم جايين على عرس مش على تصوير فيلم وانا بحذرك هاي فرصتنا الاخيرة لا تستهتر فيها..وهلأ وقف السيارة وامشي ولا تتطلع وراك.".
..اوقف فارس السيارة وترجلت ياسمين وتوجه فارس الى صديقه وابلغه بأن الاشخاص يجب ان يعرفوا بأنهم ذاهبون الى حفل زفاف وان فارس يجب ان يلتقي بهم ليبلغهم هذا بنفسه...فرد عليه صديقه بأن هذا مستحيل ..ووجد فارس نفسه بأنه لا بد ان يستعين بصديق اخر له من احدى المدن الفلسطينية فتوجه اليه بسرعة وبعد حوار وجدال ومحاولات كثيرة استمرت ليومين اشرف عليها فارس بنفسه..حتى لا يكون هناك مجال للفهم الخطأ استطاع فارس ان يقنع تسعة اشخاص باغرائهم بمبالغ مالية كبيرة وصلت الى ثلاثة الاف دولار للشخص الواحد وحتى يضمن فارس حضورهم دفع لهم جزءاً من المبلغ والباقي اشترط ان يدفع بعد حفل الزفاف..
عاد فارس بعد ان اتفق معهم على الموعد المحدد للقائهم ...وفي الطريق اخذ فارس يفكر بالمبلغ الذي معه وبانه لا يكفي لاتمام المهمة فخطر بباله انه لو يرى ياسمين ويطلب منها المزيد من القطع الذهبية وما كاد ان يصل الى البيت حتى لمح ياسمين تقف على ناصية الشارع وكأنها تنتظره بناء على موعد توقف فارس بجانبها فاقتربت من الشباك ولم تصعد الى السيارة وقالت له : "كيفك يا فارس اشتقت لك ".
فقال لها:وانا كمان.. اركبي...
فقالت :لا معلش عندي شيء لازم اعملو ..
فقال لها: شو بدك تعملي في حارتنا ؟
فقالت :مش مهم تعرف شو صار معك انت..؟
فقال: كل شيء تمام بس...؟
قاطعته:الفلوس ما كفو ؟..
طيب مش مشكلة لما تروح على الدار حتلاقي المشكلة محلولة .. وهلأ امشي ولا تتطلع وراك ومش حتشوفني الا في موعد الزفاف"!
سار فارس بالسيارة عدة امتار وسمع صوت ياسمين من الخلف يقول له..
- :"فارس لا تطلع وراك ولا تخلي الناس يضحكو عليك.."
ابتسم فارس وعاد الى البيت ..لاقته امه على الباب واخذت تنظر اليه نظرات غريبة ..ضحك فارس وعلم انه الان في ورطة ويجب ان يجيب على اسئلة امه حول ياسمين ذات الخمار ...امسكت ام فارس بإبنها وسحبته الى الداخل وهو يضحك وقالت له : "وهلأ بدك تحكيلي قصة الشيخة المجنونة ..ولّي بتحكيه..وعلى فكرة المجنونة اجت على البيت وتركتلك هاي "القطعة " ..وقالت لي اقلك لا تخلي الناس يضحكو عليك.."
امسك فارس بالقطعة الذهبية التي تركتها ياسمين له وهي من نفس نوعية القطع السابقة ووضعها في جيبه واستفسر من امه ان كانت قد تركت له شيئا اخر فردت امه بأنها لم تترك له شيئا اخر..وانها جاءت مسرعة وذهبت مسرعة حتى انها رفضت الدخول..وحاول فارس ان يتهرب من امه بالاجابة عن موضوع الشيخة المجنونة ولكن امه امسكت به لعدة ساعات وهي تستجوبه حتى ملت ..وفي صباح اليوم التالي توجه فارس لبيع القطعة لعلها تغطي جزءاً من المبلغ المطلوب ..دخل فارس الى نفس المحل وناول صاحبه القطعة..اخذ صاحب المحل يتفحصها ليرى اذا كانت حقيقية كالسابقات ..ففوجىء فارس وصاحب المحل حينما دخلت ياسمين وسحبت القطعة من يد صاحب المحل وناولتها لفارس وقالت له بصوت مرتفع ..
:"بتعرف شو يعني حمار ..لا تطلع وراك"..
وخرجت ياسمين من المحل ونظر صاحب المحل الى فارس وسأله عن من تكون هذه المقنعة..؟
فقال له فارس: بحكيلك مين هي بس بتقدر تقلي شو قصدها اني حمار..!؟".
فقال له:"اسألها ..وهات القطعة .."
فقال فارس :بطلت ابيع لحد ما افهم ليش انا حمار..!
وبعد حوار طويل وجولة طويلة في عدة مناطق اكتشف فارس بأن سعر القطعة هو عشرة اضعاف مما كان ينوي بيعها ...
وفي صباح يوم الثلاثاء استعد فارس لليوم المشهود وبدأ يشعر بالقلق والخوف والساعات تقترب من الموعد وكان اكثر ما يخيفه هو مفاجآت قد تطرأ وتقلب الأمور راسا على عقب ......
وفي الساعة الثامنة مساء توجه الى مكان اللقاء بالاشخاص التسعة الذين احضرهم صديقه وكان واضحا على وجوههم انهم قلقون اكثر منه وان الخوف قد اعتراهم وبالرغم من المبالغ المدفوعة التي لم تستطع ازالة الخوف والقلق ..من حدوث شيء غريب وقناعتهم بأن الموضوع اكثر من مجرد زفاف فمن وجهة نظرهم لا يوجد مجنون على الارض يفكر في اجراء زفافه داخل مقبرة ..فأي مجنون هذا يدفع ايضا للحضور اجرهم..؟..جلس فارس معهم وحاول ان يطمأنهم وقال لهم: بانهم لن يخسروا شيئاً من وقوفهم لعدة دقائق..
ولتشجيعهم اكثر اخرج فارس النقود من جيبه واراهم اياها وقال لهم :"بعد ان ينتهي الحفل ساقوم باعطائكم هذه النقود فورا" ...ولكنه حذرهم ان هذا مشروط ببقائهم جميعا وان انسحب احدهم يعتبر العقد لاغيا ...فبادره احدهم وقال :
شو بتفكرنا يا زلمة ...بدك كمان نحفر القبور بنحفرها انت لسه مش عارف مين احنا ؟!
يتبع ,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك